( ويَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) تقدم في الآيتين 70 و 107 من سورة الأعراف والآية 32 من سورة هود . ( لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ ولا عَنْ ظُهُورِهِمْ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ ) . يستعجل الذين كفروا نار العذاب ، وهم أحقر وأضعف من أن يستطيعوا لها ردا أو يجدوا منها مهربا أو لهم ناصرا ، كيف وهي تغشاهم من فوقهم ومن تحتهم ومن أمامهم وخلفهم ؟
( بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها ولا هُمْ يُنْظَرُونَ ) . الضمير المستتر في تأتيهم يعود إلى الساعة ، ولا ريب في إتيانها فجأة من غير إنذار لقوله تعالى : « يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ » - 63 الأحزاب » ومتى جاءت على هذه الحال وقعوا في الحيرة والدهشة ، فلا هم يملكون لها ردا ، ولا هي تمهلهم ليتدبروا أمرهم ويتوبوا إلى ربهم .
( ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ) . تقدم بنصه الحرفي مع التفسير في الآية 10 من الأنعام ج 3 ص 165 .
( قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ ) . مهما احتاط الإنسان ، وبالغ في التحفظ من المخبآت والمفاجئات فلا ينجو منها إلا بعناية اللَّه وتوفيقه ، فكيف يحترس ويسلم من قضائه وقدره ؟ ( بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ) . استهزأوا برسل اللَّه ، وأمنوا مكر اللَّه ، وأعرضوا عن ذكر اللَّه . . ولم ؟ لأنهم مترفون ، والترف في حسبانهم حصن حصين من كل نازلة وغائلة .
( أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا ) فتدفع عنهم بأسنا وعذابنا ان أردنا هلاكهم واستئصالهم ( لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ ولا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ ) . ضمير يستطيعون وما بعده يعودان إلى الآلهة ، والمعنى ان المشركين يستجيرون بالأصنام ، وهي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا فكيف تملك النصر والاستجارة لغيرها . وفي تفسير الطبري ان أهل التأويل اختلفوا في معنى يصحبون ، وبعد أن نقل الأقوال اختار ان معنى يصحبون يجارون لأن العرب تقول : أنا لك جار من فلان وصاحب أي أجيرك وأمنعك منه . وهذا المعنى يتفق مع قوله تعالى : « وهُوَ يُجِيرُ ولا يُجارُ عَلَيْهِ » - 88 المؤمنون .
( بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ) . أمهلهم اللَّه ، وأمد في