الإعراب :
خالدين حال . ومددا تمييز .
المعنى :
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً ) . بعد أن توعد سبحانه الكافرين بجهنم وعد المؤمنين بالجنة ، والفردوس من المنازل العليا في الجنة ، قال الرسول الأعظم ( ص ) : إذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس ( خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ) . والحول التحول ، والمعنى ان اللَّه سبحانه يجزي المؤمنين الصالحين بما لا يرضون عنه بديلا ، فهو كاف واف بجميع ما يبتغون ، وتومئ الآية إلى انه لا طمع في الآخرة ، وإلا فإن الطامع لا يقنعه شيء .
( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ولَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ) . البحر اسم جنس يشمل كل البحار ، والمداد الحبر ، ونفد انقطع وفني ، والمراد بقبل أن ينفد ان كلماته تعالى لا تنفد إطلاقا ، وجئنا بمثله مددا أي زدنا عليه ما يماثله في الكثرة ، والمعنى لو فرض ان البحار بكاملها حبر يكتب به كلمات اللَّه لأنتهي الحبر ، وبقيت كلماته إلى ما لا نهاية ، وفي معنى الآية قوله تعالى : « ولَوْ أَنَّ ما فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ والْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ » - 27 لقمان .
وليس المراد بكلمات اللَّه هنا الألفاظ المؤلفة من الحروف الهجائية ، ولا الأمر الفعلي الذي هو عبارة عن قوله كن فيكون ، لأن هذا الأمر واحد لا تعدد فيه :
« وما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ » - 50 القمر ، وإنما المراد بكلماته هنا القدرة على إيجاد الكائنات متى شاء ، سواء أقال لها كوني بالفعل ، أم يقول في المستقبل القريب أو البعيد ، وهذه القدرة لا آخر لها ولا نهاية ، أما البحار والأشجار ومثلها معها فهي متناهية ، وكل متناه إلى نفاد .
وبكلام آخر ان كل شيء موجود أو سيوجد - ما عدا اللَّه - فهو بائد ومنقطع ، أما قدرته تعالى على إيجاد الأشياء فهي باقية ببقائه . . ونوضح الفكرة بهذا المثال :