لا يؤدي بك حتما وعلى كل حال إلى ما تطلبه وتبتغيه كلا . . حتى ولو اجتهدت وبالغت لأني خلقت أيضا ظروفا معاكسة تعرقل السير ، وما هي بحسبانك ولا بحسبان سواك ، لأنها في يدي ، وأنا أرسلها وأمسكها ، فلا تجزم بأنك بالغ ما تريد ، وعلق كل شيء على المشيئة العليا . . ما شاء كان ، وان لم يشأ لم يكن .
انظر المخبآت والمفاجئات ج 1 ص 312 .
( واذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ ) . كل انسان معرض للنسيان ، وبالخصوص إذا تراكمت عليه الأشغال والأحزان . بل قيل : « سميت إنسانا لأنك ناسيا » .
وقد أمرنا اللَّه سبحانه ان نذكره عند النسيان ، وعلَّمنا كيف نذكره ، حيث قال عز من قائل : ( وقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً ) أي وان لم يذكّرني اللَّه الذي نسيت فإنه يذكّر ما هو أصلح وأنفع منه ، وفي نسيان بعض الأمور فوائد جمة .
ولهذه الآية قصة طريفة تعكس تحاسد بعض أهل العلم بالدين ، تماما كتحاسد التجار وأرباب المهن . . فقد روي ان المنصور كان يفضل أبا حنيفة على سائر الفقهاء ، فحسده على ذلك محمد بن اسحق ، وفي ذات يوم اجتمعا معا عند المنصور ، فسأل محمد أبا حنيفة بقصد إفحامه وتعجيزه ، قال له : ما تقول في رجل حلف باللَّه ان يفعل كذا ، وبعد ان سكت الحالف أمدا قال : ان شاء اللَّه ؟ .
قال أبو حنيفة : تصح اليمين ويلزم بها الحالف لأن قوله : ان شاء اللَّه منفصل عن اليمين ، ولو اتصل بها لم تنعقد .
فقال محمد بن اسحق : كيف وعبد اللَّه بن عباس جد أمير المؤمنين - يقصد المنصور - كان يقول ، يعمل الاستثناء ، وان كان بعد سنة لقوله تعالى :
« واذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ » ؟ .
فالتفت المنصور إلى أبي حنيفة وقال له : أصحيح هكذا قال جدي ؟ .
قال أبو حنيفة : نعم .
فقال له المنصور : أتخالف جدي يا أبا حنيفة ؟ .
قال أبو حنيفة : ان لقول جدك تأويلا يخرج على الصحة ، ولكن محمد بن إسحاق وأصحابه لا يرونك أهلا للخلافة ، لأنهم يبايعونك ، ثم يخرجون ويقولون :