أيقظ أهل الكهف ليتساءلوا هم عن أمد مكثهم ، فما هو وجه الجمع بين الآيتين ؟ .
الجواب : لا تصادم بين الآيتين لنحتاج إلى عملية الجمع ، فإن اللَّه أيقظ أهل الكهف للأمرين معا ، أشار إلى أحدهما في الآية السابقة ، وإلى ثانيهما في هذه الآية ، وعليه يكون معنى الآيتين ان اللَّه أيقظ أهل الكهف ليعلموا هم وغيرهم ان اللَّه قادر على إحياء الموتى ، مهما طال الزمن .
( قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ ) .
حين استيقظوا قال بعضهم : أتدرون كم لبثنا في الكهف ؟ . فأجابه البعض الآخر يوما أو بعض يوم ، وفي هذا القول إيماء إلى أنّه لم يتغير شيء من ثيابهم وأشعارهم وأظفارهم ووجوههم وأبدانهم وألوانهم على الرغم من طول الأمد ، ولو تغير شيء من ذلك - كما في تفسير الرازي - لظهر للعيان ، ولم يقل قائلهم يوما أو بعض يوم . . ثم قالوا : دعونا من هذا التساؤل . . لا يعلم كم لبثنا إلا اللَّه . .
وجائز أن يكونوا في الظلام لا يرى أحدهم الآخر .
( فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ ولْيَتَلَطَّفْ ولا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ولَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً ) . المراد بالورق الدراهم المضروبة ، وكان عليها صورة الملك الذي كان في زمانهم ، وقيل : اسمه دقيانوس ، واسم المدينة طرسوس . .
استيقظوا فأحسوا بالجوع بعد ذاك الأمد الطويل ، فاختاروا واحدا منهم ليشتري لهم طعاما شهيا ، وأوصوه باليقظة والحذر كيلا يشعر أحد بمكانهم ، فيقتلهم الطغاة أو يفتنوهم عن دينهم ، وهم لا يدرون انهم في أمة غير أمتهم ، وعالم غير عالمهم .
الفصل الرابع :
( وكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً ) . وكذلك إشارة إلى انه كما زدناهم هدى ، وربطنا