responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 5  صفحه : 109


بصفاء فطرتهم إلى ان قومهم على ضلال ، وقالوا : كيف تكون الأحجار آلهة ، وهي لا تغني شيئا ؟ . وكيف تمنح المترفين القوة والغنى ، وتسلطهم على الضعفاء والمعدمين - كما يزعم الأقوياء - وهي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا ؟ . .
وانتهى الفتية من هذا الشك والتساؤل إلى عقيدة التوحيد والبعث ، ولما علم اللَّه منهم الصدق في النية ، والإخلاص للحق ثبتهم على ايمانهم ، وزادهم بصيرة في أمرهم .
( إِذْ قامُوا ) . لم يبين سبحانه أين قاموا ، ولذا اختلف المفسرون ، فمن قائل : انهم قاموا بين يدي ملك زمانهم دقيانوس الجبار ، وهو يحاكمهم على ايمانهم باللَّه ، ومن قائل : انهم قاموا من النوم . . وغير بعيد ان يكون المراد بقيامهم خروجهم على عادات قومهم ، وتمردهم على ما هم فيه من الشرك والفساد . .
وهذا هو شعار ثورتهم وتمردهم على عادات قومهم : ( فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ والأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً ، هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ) .
آمن الفتية باللَّه الواحد الأحد ، وأعلنوا ايمانهم على الملأ ، وقالوا : ان الطغاة من قومهم يفترون الكذب على اللَّه وعلى عقولهم أيضا ، لأنهم أضافوا على الأصنام صفة الآلهة ، وهم يعلمون انها لا تضر ولا تنفع . . ولكنهم يموهون على البسطاء بأن هذه الآلهة هي التي اختارتهم ، ومنحتهم الامتياز والتفوق على الناس ، وان من خالفها في ذلك فلا جزاء له إلا القتل والتعذيب . . بهذا الزعم أراد الطغاة أن يقتلوا الفتية ، لا لشيء إلا لأنهم آمنوا باللَّه ، وكفروا بالأصنام أي بامتياز الطغاة وتفوقهم على المستضعفين .
تنبهت ، وانا اكتب هذه الكلمات ، إلى تفسير ظاهرة غريبة برزت في أيامنا ، وهي هذا الجيش العرموم من المعممين الذين لا يمتون بسبب قريب أو بعيد إلى الدين وأهله . . تنبهت إلى أن هناك يدا خبيثة تعمل في الخفاء ، وتضع التصاميم ، وتخصص الأموال لتجنيد المزيفين عن طريق المأجورين والعملاء ، وحشدهم أو حشرهم في صفوف أهل العلم ، فيلبسونهم العمائم ، لا لشيء إلا ليحموا مصالح الطغاة والمستعمرين باسم الدين ، تماما كما أضفى عتاة الشرك صفة الآلهة على الأصنام ليقولوا للبسطاء انها هي التي اختارتهم ، وأعطتهم السلطان والأموال ، وحرمت البؤساء والمستضعفين .

نام کتاب : التفسير الكاشف نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 5  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست