وقال بعض أهل الكتاب : لن يدخل الجنة إلاّ من كان هوداً ، وقال بعضهم : لن يدخل الجنة إلاّ من كان نصارى ، والبعض الثاني غير الأوّل إلاّ أنّه لمّا كان اللفظ واحداً جمع مع الأوّل . قال حسان بن ثابت :
فمن يهجو رسول الله منكم * ويمدحه وينصره سواء [1] تقديره ومن يمدحه وينصره ، غير أنّه لما كان اللفظ واحداً أجمع مع الأوّل ، وصار كأنّه إخبار به عن جملة واحدة ، وإنّما كان حقيقة عن بعضين متفرقين ، ومثله * ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) * [2] يعني آدم ، ثم قال : * ( وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) * [3] أي من النفس بمعنى الجنس ، فهو في اللفظ على مخرج الراجع إلى النفس الأولى ، وفي تحقيق المعنى لغيرها .
وهذا قول أكثر المفسّرين السدي وغيره ، وفي معنى هود ثلاثة أقوال :
أحدها : أنّه جمع هائد وهود ، كحائل وحول ، وعائد وعود ، وعائط وعوط ، وهو جمع المذكر والمؤنث على لفظ الواحد ، والهائد : التائب الراجع إلى الحقّ .
والوجه الثاني : أن يكون مصدراً يصلح للواحد والجمع ، كما يقال : رجل فطر ، وقوم فطر ونسوة فطر ، ورجل صوم وقوم صوم .
