وجهاً آخراً وهو أنّ اليهود كما يضيفون الكفر والمعاصي إلى الله تعالى ، فقال الله : * ( مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ ) * تكذيباً لهم انّها من عند الله .
وقوله : * ( مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ ) * .
قال قتادة : من بعد ما تبيّن لهم أنّ محمّداً رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والإسلام دين الله ، وهو قول الربيع والسدي وابن زيد ، وروى عن ابن عباس مثله .
وقال ابن عباس : انّ قوله : * ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ) * منسوخة بقوله : * ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) * [1] .
وقال قتادة نسخت بقوله : * ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْم الآخِرِ ) * الآية ، وبه قال الربيع والسدي .
وروي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ أنّه قال : لم يؤمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقتل ، ولا أُذن له فيه حتى نزل جبرائيل ( عليه السلام ) بهذه الآية * ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ) * [2] وقلّده سيفاً .
وقوله : * ( حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ) * قال أبو عليّ : * ( بِأَمْرِهِ ) * لكم يعاقبهم أو يعافيهم هو على ذلك ، ثم أتى بأمره فقال : * ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) * [3] .
وقوله : * ( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) * قيل فيه ثلاثة أقوال :
قال أبو عليّ : إنّه قدير على عقابهم إذ هو * ( عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) * .
وقال الزجاج : قدير على أن يدعو إلى دينه بما أحب ممّا هو الأليق بانجائكم ، أي فيأمر بالصفح تارة وبالعقاب أخرى على حسب المصلحة .
