السحر ، ولم يعلموا أنّ هلاكهم بتصديقه واستعماله ، أو لم يعلموا كنه ما أعدّ الله من العذاب على ذلك وإن علموه على وجه الجملة .
( والثالث ) وقال قوم : هو مقدّم ومؤخر ، وتقديره وما هم بضارين به من أحد إلاّ بإذن الله ، ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق .
وقال بعضهم : هما جميعاً خبر عن فريق واحد ، وأراد بقوله : * ( وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) * أي لو كانوا يعلمون بما علموه فعبر عن المعلوم بالعلم ، كما قال كعب بن زهير المزني يصف ذئباً وغراباً تبعاه ، لينالا من طعامه وزاده :
إذا حضراني قلت لو تعلمانه * ألم تعلما أنّي من الزاد مرمل [1] فأخبر أنّه قال لهما : لو تعلمانه فنفى عنهما العلم ، ثم استخبرهما ، فقال : ألم تعلما ، وكذلك الآية .
وقال قوم : إنّ الّذين علموا الشياطين والذين لم يعلموا الناس دون الشياطين .
وأما الروايات التي في أنّ الملكين أخطآ ، وركبا الفواحش ، فإنّها أخبار آحاد ، من اعتقد عصمة الملائكة يقطع على كذبها ، ومن لم يقطع على ذلك جوّز أن تكون صحيحة ، ولا يقطع على بطلانها .
والّذي نقوله : إن كان الملكان رسولين فلا يجوز عليهما ذلك ، وإن لم يكونا رسولين جاز ذلك - وإن لم نقطع به - وقد بينّا الكلام عليه فيما مضى .
