الصادقة والكاذبة مأخوذة من إبانة أحد الشيئين عن الآخر فيزول التباسه به .
قوله تعالى : * ( أوكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) * آية واحدة ( 100 ) .
المراد بالعهد ها هنا : الميثاق الّذي أخذه الله ليؤمننّ بالنبي الاميّ - على قول ابن عباس - وقال أبو عليّ : المعني به العهود التي كانت اليهود أعطوها من أنفسهم في أيّام أنبيائهم ، وفي أيّام نبيّنا محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، لأنّهم كانوا عاهدوه أنّهم لا يعينوا عليه أحداً ، فنقضوا ذلك وأعانوا عليه قريشاً يوم الخندق .
قال قتادة : معنى نبذه في الآية : نقضه ، وقيل : تركه ، وقيل : ألقاه ، والمعنى متقارب ، قال أبو الأسود الدؤلي :
نظرت إلى عنوانه فنبذته * كنبذك نعلاً اخلقت من نعالكا [1] وقوله : * ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ ) * الهاء والميم عائدتان على المعاهدين ، ولا يصلح على الفريق إذ كانوا كلّهم غير مؤمنين ، وأمّا المعاهدون : فمنهم من آمن كعبد الله بن سلام ، وكعب الأحبار وغيرهما ، وإنّما دخلت بل على قوله : * ( أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) * لأمرين :
أحدهما : أنّه لما قال : * ( نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) * دلّ على أنّه كفر ذلك الفريق بالنقض ، وحسن هذا التفصيل ، لأنّ منهم من نقض عناداً ، ومنهم من نقض جهلاً .
