لأنّ الإحباط عندنا باطل فلا يحتاج إلى تراعي كثرة العقاب وقلّة الثواب ، لأنّ قليل الثواب عندنا يثبت مع كثرة العقاب ، لما ثبت من بطلان التحابط بأدلّة العقل ، وليس هذا موضع ذكرها ، لأنّ الآية التي بعدها فيها وعد لأهل الإيمان بالثواب الدائم ، فكيف يجتمع الثواب الدائم والعقاب الدائم ، وذلك خلاف الإجماع ؟ ومتى قالوا أحدهما يبطل صاحبه ، قلنا : الاحباط باطل ليس بصحيح على ما مضى .
قوله تعالى : * ( والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) * آية ( 82 ) .
هذه الآية متناولة لمن آمن بالله وصدّق به ، وصدّق النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعمل الصالحات التي أوجبها الله تعالى عليه ، فإنّه يستحق بها الجنة خالداً أبداً ، وظاهرها يمنع من انّ مرتكب الكبيرة مخلّد في النار ، لأنّه إذا كان مؤمناً مستحقاً للثواب الدائم ، فلا يجوز أن يستحق مع ذلك عقاباً دائماً ، لأنّ ذلك خلاف ما أجمع المسلمون عليه ومتى عادوا إلى الاحباط ، كلموا فيه بينهم وبين بطلان قولهم .
قوله تعالى : * ( وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وذِي الْقُرْبى والْيَتامى والْمَساكِينِ وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ) * آية بلا خلاف ( 83 ) .
ومعنى ذلك : أخذنا ميثاق بني إسرائيل بأن لا تعبدوا إلاّ الله وحده ، دون ما سواه من الأنداد ، وبالوالدين إحساناً وبذي القربى أن يصلوا رحمه ، ويعرفوا
