متصدعاً ، وكقوله تعالى : * ( وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ ) * [1] إلى آخرها سواء ، وأدخلت هذه اللامات فيها تأكيداً للخبر والمعنى في الآية : أنّه تعالى لمّا أخبر عن بني إسرائيل وما أنعم عليهم به ، وأراهم من الآيات وغير ذلك ، فقال مخبراً عن عصيانهم وطغيانهم : * ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) * ثم أخبر تعالى أنّه لا امتناع عند الحجارة ممّا يحدث فيها من أمره ، وإن كانت قاسية ، بل هي متصرّفة على مراده لا يعدم شيء ممّا قدر فيها ، وبنو إسرائيل مع كثرة نعمه عليهم ، وكثرة ما أراهم من الآيات ، يمتنعون من طاعته ، ولا تلين قلوبهم لمعرفة حقه ، بل تقسو وتمتنع من ذلك .
وقوله : * ( وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) * أي عند ما يحدث فيها من الآية الهائلة كالزلازل وغيرها ، وأضاف الخشية إلى الحجارة وإن كانت جماداً على مجاز اللغة والتشبيه ، والمعنى في خشوع الحجارة أنّه يظهر فيها ما لو ظهر في حي مختار قادر ، لكان بذلك خاشعاً ، وهو ما يرى من حالها ، وأنّها منصرفة لامتناع عندها ممّا يراد بها ، وهو كقوله : * ( جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ) * [2] لأنّ ما ظهر فيه من الميلان ، لو ظهر من حي لدل على أنّه يريد أن ينقض ، ليس أنّ الجدار يريد شيئاً في الحقيقة ، ومثله * ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) * [3] وقوله : * ( ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ) * [4] وقوله : * ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) * [5] وقال زيد الخيل :
