أحدهما : أنّ العمل لا يطلق إلاّ على أفعال الجوارح ، لأنّهم لا يقولون : عملت بقلبي ، وإنّما يقولون : عملت بيدي أو برجلي .
والثاني : انّ ذلك مجاز ، وتحمل عليه الضرورة ، وكلامنا مع الإطلاق .
وقوله : * ( وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * يعني لا خوف عليهم ممّا قدموا عليه من أهوال القيامة ، ولا هم يحزنون على ما خلّفوا وراءهم من الدنيا عند معاينتهم ما أعدّ لهم من الثواب ، والنعيم المقيم عنده ، وقيل : إنّه لا يحزنون من الموت .
قوله تعالى : * ( وإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ ورَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ واذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) * آية بلا خلاف ( 63 ) .
تقديره : واذكروا إذ أخذنا ميثاقكم .
الميثاق : المفعال من الوثيقة امّا بيمين ، وامّا بعهد وغير ذلك من الوثائق ، والميثاق الّذي أخذه الله هو الّذي ذكره في قوله : * ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) * [1] في الآيات التي ذكر بعدها .
ويحتمل أن يكون أراد الميثاق الّذي أخذ الله على الرسل في قوله : * ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ ) * [2] وقوله : * ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ) * [3] وقد بيّنا أنّ أخذ العهد هو ما نصب لهم
