لأنّه قال : واستعينوا على الوفاء بعهدي الذي عاهدتكم في كتابكم عليه من طاعتي ، واتباع أمري واتباع رسولي ، وترك ما نهيتكم عنه ، والتسليم لأمري ولمحمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالصبر والصلاة .
والصبر خلق محمود ، أمر الله تعالى به ودلّ عليه ، فقال : * ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاّ بِاللَّهِ ) * [1] وقال : * ( اصْبِرُوا وَصَابِرُوا ) * [2] وقال : * ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) * [3] وقال : * ( وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْم الأُمُورِ ) * [4] وفي الحديث : اقتلوا القاتل ، واصبروا الصابر ، وذلك فيمن أمسكه حتى قتله آخر فأمر بقتل القاتل ، وحبس الممسك .
والصبر المأمور به في الآية ، قيل فيه قولان : أحدهما الصبر على طاعته واجتناب معصيته ، والثاني أنّه الصوم ، وفي الصلاة هاهنا قولان : أحدهما الدعاء ، والثاني أنّها الصلاة الشرعية ذات الركوع والسجود ، وكان النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أحزنه أمر ، استعان بالصلاة والصوم ، ووجه الاستعانة بالصلاة ، لمكان ما فيها من تلاوة القرآن والدعاء والخضوع لله تعالى ، والإخبات ، فإنّ في ذلك معونة على ما تنازع إليه النفس من حب الرياسة والأنفة من الانقياد إلى الطاعة .
والضمير في قوله : * ( وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ ) * عائد على الصلاة عند أكثر المفسّرين ، وقال قوم : عائد إلى الإجابة للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهذا ضعيف ، لأنّه لم يجر للإجابة ذكر ولا هي معلومة ، إلاّ بدليل غامض ، وليس ذلك كقوله : * ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) * لأنّ ذلك معلوم .
