صلاتي ، وإنّما فعل ذلك ، لأنّه أوّل ما يشاهد ممّا يدلّ على أنّ الإنسان في الصلاة ، لأنّا بيّنا أنّ أصل الركوع الإنحناء .
فإن قيل : كيف أمروا بالصلاة والزكاة وهم لا يعرفون حقيقة ما في الشريعة ؟
قيل : إنّما أمروا بذلك ، لأنّهم أحيلوا فيه على بيان الرسول إذ قال : * ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) * [1] ولذلك جاز أن يأمرهم بالصلاة على طريق الجملة ، ويحيلهم في التفصيل إلى بيان الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وقد بينّا تفصيل ما ورد الشرع به ، من الصلاة والزكاة ، وفرائضها وسننها في كتاب النهاية [2] والمبسوط [3] وغيرهما من كتبنا في الفقه ، فلا نطول بذكره في هذا الكتاب .
وقد ورد في القرآن على طريق الجملة آي كثير نحو قوله : * ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) * . وقوله * ( فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) * [4] وقوله : * ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى ) * [5] وقوله : * ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) * [6] ويمكن الاستدلال بهذه الآيات على وجوب الصلوات ، وعلى صلاة الجنائز ، وصلاة العيدين ، وعلى وجوب الصلاة على النبيّ وآله في التشهد ، لأنّه عام في جميع ذلك .
