نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 235
الكفار الفجار ، ثم أنا نصفه كل يوم أربعة وثلاثين مرة أنه رحمن وأنه رحيم ، وذلك لأن الصلوات سبع عشرة ركعة ، ويقرأ لفظ الرحمن الرحيم في كل ركعة مرتين مرة في بسم الله الرحمن الرحيم ومرة في قوله : * ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ) * ( الفاتحة : 1 ، 2 ) فلما صار ذكر الرحمة مرة واحدة سبباً لخلاص مريم عليها السلام عن المكروهات أفلا يصير ذكر الرحمة هذه المرات الكثيرة طول العمر سبباً لنجاة المسلمين من النار والعار والدمار ؟ . الفائدة الرابعة : أنه تعالى رحمن لأنه يخلق ما لا يقدر العبد عليه ، رحيم لأنه يفعل ما لا يقدر العبد على جنسه ، فكأنه تعالى يقول : أنا رحمن لأنك تسلم إلى نطفة مذرة فأسلمها إليك صورة حسنة ، كما قال تعالى : * ( وصوركم فأحسن صوركم ) * ( غافر : 64 ) وأنا رحيم لأنك تسلم إلى طاعة ناقصة فأسلم إليك جنة خالصة . الفائدة الخامسة : روى أن فتى قربت وفاته واعتقل لسانه عن شهادة أن لا إله إلا الله فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه به ، فقام ودخل عليه ، وجعل يعرض عليه الشهادة وهو يتحرك ويضطرب ولا يعمل لسانه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أما كان يصلي ؟ أما كان يصوم ؟ أما كان يزكي ؟ " فقالوا : بلى ، فقال : " هل عق والديه ؟ " فقالوا : بلى ، فقال عليه السلام : " هاتوا بأمه " ، فجاءت وهي عجوز عوراء فقال عليه السلام : " هلا عفوت عنه " ، فقالت : لا أعفو لأنه لطمني ففقأ عيني ، فقال عليه السلام : " هاتوا بالحطب والنار " ، فقالت : وما تصنع بالنار ؟ فقال عليه السلام : " أحرقه بالنار بين يديك جزاء لما عمل بك " ، فقالت : عفوت عفوت ، أللنار حملته تسعة أشهر ؟ أللنار أرضعته سنتين ؟ فأين رحمة الأم ؟ فعند ذلك انطلق لسانه ، وذكر أشهد أن لا إله إلا الله ، والنكتة أنها كانت رحيمة وما كانت رحمانة فلأجل ذلك القدر القليل من الرحمة ما جوزت الإحراق بالنار ، فالرحمن الرحيم الذي لم يتضرر بجنايات عبيده مع عنايته بعباده كيف يستجيز أن يحرق المؤمن الذي واظب على شهادة أن لا إله إلا الله سبعين سنة بالنار . الفائدة السادسة : لقد اشتهر أن النبي عليه السلام لما كسرت رباعيته قال : " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " ، فظهر أنه يوم القيامة يقول : " أمتي ، أمتي " ، فهذا كرم عظيم منه في الدنيا وفي الآخرة ، وإنما حصل فيه هذا الكرم وهذا الإحسان لكونه رحمة كما قال تعالى : * ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) * فإذا كان أثر الرحمة الواحدة بلغ هذا المبلغ فكيف كرم من هو رحمن رحيم ؟ وأيضاً روي أنه عليه السلام قال : " اللهم اجعل حساب أمتي على يدي " ، ثم إنه امتنع عن الصلاة على الميت لأجل أنه كان مديوناً بدرهمين ، وأخرج عائشة
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 235