نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 229
لأن المتكلمين قالوا : العالم كل موجود سوى الله ، وسبب تسمية هذا القسم بالعالم أن وجود كل شيء سوى الله يدل على وجود الله تعالى ، فلهذا السبب سمي كل موجود سوى الله بأنه عالم . إذا عرفت هذا فنقول : كل ما سوى الله تعالى إما أن يكون متحيزاً ، وإما أن يكون صفة للمتحيز ، وإما أن لا يكون متحيزاً ولا صفة للمتحيز ، فهذه أقسام ثلاثة : القسم الأول : المتحيز : وهو إما أن يكون قابلاً للقسمة ، أو لا يكون ، فإن كان قابلاً للقسمة فهو الجسم ، وإن لم يكن كذلك فهو الجوهر الفرد ؛ أما الجسم فإما أن يكون من الأجسام العلوية أو من الأجسام السفلية ؛ أما الأجسام العلوية فهي الأفلاك والكواكب ، وقد ثبت بالشرع أشياء أخر سوى هذين القسمين ، مثل العرش والكرسي وسدرة المنتهى واللوح والقلم والجنة ، وأما الأجسام السفلية فهي إما بسيطة أو مركبة : أما البسيطة فهي العناصر الأربعة : واحدها : كرة الأرض بما فيها من المفاوز والجبال والبلاد المعمورة ، وثانيها : كرة الماء وهي البحر المحيط وهذه الأبحر الكبيرة الموجودة في هذا الربع المعمور وما فيه من الأودية العظيمة التي لا يعلم عددها إلا الله تعالى ، وثالثها : كرة الهواء ، ورابعها : كرة النار . وأما الأجسام المركبة فهي النبات ، والمعادن ، والحيوان ، على كثرة أقسامها وتباين أنواعها ، وأما القسم الثاني - وهو الممكن الذي يكون صفة للمتحيزات - فهي الأعراض ، والمتكلمون ذكروا ما يقرب من أربعين جنساً من أجناس الأعراض . أما الثالث - وهو الممكن الذي لا يكون متحيزاً ولا صفة للمتحيز - فهو الأرواح ، وهي إما سفلية ، وإما علوية : أما السفلية فهي إما خيرة ، وهم صالحو الجن ، وإما شريرة خبيثة وهي مردة الشياطين . والأرواح العلوية إما متعلقة بالأجسام وهي الأرواح الفلكية ، وإما غير متعلقة بالأجسام وهي الأرواح المطهرة المقدسة ، فهذا هو الإشارة إلى تقسيم موجودات العالم ، ولو أن الإنسان كتب ألف ألف مجلد في شرح هذه الأقسام لما وصل إلى أقل مرتبة من مراتب هذه الأقسام ، إلا أنه لما ثبت أن واجب الوجود لذاته واحد ، ثبت أن كل ما سواه ممكن لذاته ، فيكون محتاجاً في وجوده إلى إيجاد الواجب لذاته ، وأيضاً ثبت أن الممكن حال بقائه لا يستغنى عن المبقي ، والله تعالى إله العالمين من حيث إنه هو الذي أخرجها من العدم إلى الوجود ، وهو رب العالمين من حيث إنه هو الذي يبقيها حال دوامها واستقرارها . وإذا عرفت ذلك ظهر عندك شيء قليل من تفسير قوله الحمد لله رب العالمين ، وكل من كان أكثر إحاطة بأحوال هذه الأقسام الثلاثة كان أكثر وقوفاً على تفسير قوله رب العالمين .
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 229