نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 228
فعل القلب ، أو فعل اللسان ، أو فعل الجوارح ، أما فعل القلب فهو أن يعتقد فيه كونه موصوفاً بصفات الكمال والإجلال ، وأما فعل اللسان فهو أن يذكر ألفاظاً دالة على كونه موصوفاً بصفات الكمال . وأما فعل الجوارح فهو أن يأتي بأفعال دالة على كون ذلك المنعم موصوفاً بصفات الكمال والإجلال ، فهذا هو المراد من الحمد ، واعلم أن أهل العلم افترقوا في هذا المقام فريقين : الفريق الأول : الذين قالوا أنه لا يجوز أن يأمر الله عبيده بأن يحمدوه ، واحتجوا عليه بوجوه : الأول : أن ذلك التحميد إما أن يكون بناءً على إنعام وصل إليهم أولاً وبناءً عليه ، فالأول باطل ، لأن هذا يقتضي أنه تعالى طلب منهم على إنعامه جزاء ومكافأة ، وذلك يقدح في كمال الكرم ، فإن الكريم إذا أنعم لم يطلب المكافأة ، وأما الثاني فهو إتعاب للغير ابتداء ، وذلك يوجب الظلم . الثاني : قالوا الاشتغال بهذا الحمد متعب للحامد وغير نافع للمحمود ، لأنه كامل لذاته ، والكامل لذاته يستحيل أن يستكمل بغيره ، فثبت أن الاشتغال بهذا التحميد عبث وضرر ، فوجب أن لا يكون مشروعاً . الثالث : أن معنى الإيجاب هو أنه لو لم يفعل لاستحق العقاب ، فإيجاب حمد الله تعالى معناه أنه قال لو لم تشتغل بهذا الحمد لعاقبتك ، وهذا الحمد لا نفع له في حق الله ، فكان معناه أن هذا الفعل لا فائدة فيه لأحد ، ولو تركته لعاقبتك أبد الآباد ، وهذا لا يليق بالحكم الكريم . الفريق الثاني : قالوا الاشتغال بحمد الله سوء أدب من وجوه : الأول : أنه يجري مجرى مقابلة إحسان الله بذلك الشكر القليل ، والثاني : أن الاشتغال بالشكر لا يتأتى إلا مع استحضار تلك النعم في القلب ، واشتغال القلب بالنعم يمنعه من الاستغراق في معرفة المنعم . الثالث : أن الثناء على الله تعالى عند وجدان النعمة يدل على أنه إنما أثنى عليه لأجل الفوز بتلك النعم ، وذلك يدل على أن مقصوده من العبادة والحمد والثناء الفوز بتلك النعم ، وهذا الرجل في الحقيقة معبوده ومطلوبه إنما هو تلك النعمة وحظ النفس ، وذلك مقام نازل ، والله أعلم . الفصل الثاني في تفسير قوله رب العالمين ، وفيه فوائد أقسام العالم وأنواع كل قسم : الفائدة الأولى : اعلم أن الموجود إما أن يكون واجباً لذاته ، وإما أن يكون ممكناً لذاته ، أما الواجب لذاته فهو الله تعالى فقط ، وأما الممكن لذاته فهو كل ما سوى الله تعالى وهو العالم ،
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 228