نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 213
فلأن التكليف كان ثابتاً ، والأصل في الثابت البقاء ، وأما الفارق فهو أن القرآن العربي كما أنه يطلب قراءة لمعناه كذلك تطلب قراءته لأجل لفظه ، وذلك من وجهين : الأول : إن الإعجاز في فصاحته ؛ وفصاحته في لفظه والثاني : أن توقيف صحة الصلاة على قراءة لفظه يوجب حفظ تلك الألفاظ ، وكثرة الحفظ من الخلق العظيم يوجب بقاءه على وجه الدهر مصوناً عن التحريف ، وذلك يوجب تحقيق ما وعد الله تعالى بقوله : * ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) * ( الحجر : 9 ) أما إذا قلنا إنه لا يتوقف صحة الصلاة على قراءة هذا النظم العربي فإنه يختل هذا المقصود ، فثبت أن المقتضى قائم والفارق ظاهر . واحتج المخالف على صحة مذهبه بأنه أمر بقراءة القرآن ، وقراءة الترجمة قراءة القرآن ، ويدل عليه وجوه : الأول : روي أن عبد الله بن مسعود كان يعلم رجلاً القرآن فقال : * ( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ) * ( الدخان : 43 ) وكان الرجل عجمياً فكان يقول : طعام اليتيم : فقال : قل طعام الفاجر ، ثم قال عبد الله إنه ليس الخطأ في القرآن أن يقرأ مكان العليم الحكيم بل أن يضع آية الرحمة مكان آية العذاب الثاني : قوله تعالى : * ( وإنه لفي زبر الأولين ) * ( الشعراء : 196 ) فأخبر أن القرآن في زبر الأولين وقال تعالى : * ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) * ( الأعلى : 18 ، 19 ) ثم أجمعنا على أنه ما كان القرآن في زبر الأولين بهذا اللفظ لكن كان بالعبرانية والسريانية الثالث : أنه تعالى قال : * ( وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ) * ( الأنعام : 19 ) ثم إن العجم لا يفهمون اللفظ العربي إلا إذا ذكر تلك المعاني لهم بلسانهم ، ثم أنه تعالى سماه قرآناً ، فثبت أن هذا المنظوم بالفارسية قرآن . والجواب عن الأول أن نقول : إن أحوال هؤلاء عجيبة جداً ، فإن ابن مسعود نقل عنه أنه كان يقول : أنا مؤمن إن شاء الله ، ولم ينقل عن أحد من الصحابة المبالغة في نصرة هذا المذهب كما نقل عن ابن مسعود ، ثم أن الحنفية لا تلتفت إلى هذا ، بل نقول : إن القائل به شاك في دينه ، والشاك لا يكون مؤمناً ، فإن كان قول ابن مسعود حجة فلم لم يقبلوا قوله في تلك المسألة ؟ وإن لم يكن حجة فلم عليه في هذه المسألة ؟ ولعمري هذه المناقضات عجيبة ، وأيضاً فقد نقل عن ابن مسعود حذف المعوذتين وحذف الفاتحة عن القرآن ويجب علينا إحسان الظن به ؛ وأن نقول : أنه رجع عن هذه المذاهب ، وأما قوله تعالى : * ( وإنه لفي زبر الأولين ) * ( الشعراء : 196 ) فالمعنى أن هذه القصص موجودة في زبر الأولين ، وقوله تعالى : * ( لأنذركم ) * فالمعنى لأنذركم معناه ، وهذا القدر القليل من المجاز يجوز تحمله لأجل الدلائل القاهرة القاطعة التي ذكرناها .
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 213