نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 161
وإذا كان كذلك ظهر أن حقيقة الصمدية محتجبة عن العقول ، ولا يجوز أن يقال : محجوبة لأن المحجوب مقهور ، والمقهور يليق بالعبد ، أما الحق فقاهر ، وصفة الاحتجاب صفة القهر فالحق محتجب ، والخلق محجوبون . التفسير السابع : إشتقاقه من أله الفصيل إذا ولع بأمه ، والمعنى أن العباد مولهون مولعون بالتضرع إليه في كل الأحوال ، ويدل عليه أمور : الأول : أن الإنسان إذا وقع في بلاء عظيم وآفة قوية فهنالك ينسى كل شيء إلا الله تعالى ، فيقول بقلبه ولسانه : يا رب ، يا رب ، فإذا تخلص عن ذلك البلاء وعاد إلى منازل الآلاء والنعماء أخذ يضيف ذلك الخلاص إلى الأسباب الضعيفة والأحوال الخسيسة ، وهذا فعل متناقض ، لأنه إن كان المخلص عن الآفات والموصل إلى الخيرات غير الله وجب الرجوع في وقت نزول البلاء إلى غير الله ، وإن كان مصلح المهمات هو الله تعالى في وقت البلاء وجب أن يكون الحال كذلك في سائر الأوقات ، وأما الفزع إليه عند الضرورات والإعراض عنه عند الراحات فلا يليق بأرباب الهدايات ، والثاني : أن الخير والراحة مطلوب من الله ، والثالث : أن المحسن في الظاهر إما الله أو غيره ، فإن كان غيره فذلك الغير لا يحسن إلا إذا خلق الله في قلبه داعية الإحسان ، فالحق سبحانه وتعالى هو المحسن في الحقيقة ، والمحسن مرجوع إليه في كل الأوقات ، والخلق مشغوفون بالرجوع إليه . شكا بعض المريدين من كثرة الوسواس ، فقال الأستاذ : كنت حداداً عشر سنين ، وقصاراً عشرة أخرى ، وبواباً عشرة ثالثة ، فقالوا : ما رأيناك فعلت ذلك ، قال : فعلت ولكنكم ما رأيتم ، أما عرفتم أن القلب كالحديد ؟ فكنت كالحداد ألينه بنار الخوف عشر سنين ، ثم بعد ذلك شرعت في غسله عن الأوضار والأقذار عشر سنين ، ثم بعد هذه الأحوال جلست على باب حجرة القلب عشرة أخرى سالا سيف " لا إله إلا الله " فلم أزل حتى يخرج منه حب غير الله ، ولم أزل حتى يدخل فيه حب الله تعالى ، فلما خلت عرصة القلب عن غير الله تعالى وقويت فيه محبة الله سقطت من بحار عالم الجلال قطرة من النور فغرق القلب في تلك القطرة ، وفني عن الكل ، ولم يبق فيه إلا محض سر " لا إله إلا الله " . التفسير الثامن : أن اشتقاق لفظ " الإله " من أله الرجل يأله إذا فزع من أمر نزل به فألهه أي أجاره ، والمجير لكل الخلائق من كل المضار هو الله سبحانه وتعالى ، لقوله تعالى : * ( وهو يجير ولا يجار عليه ) * ( المؤمنون : 88 ) ولأنه هو المنعم لقوله تعالى : * ( وما بكم من نعمة فمن الله ) * ولأنه هو المطمع
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 161