نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 160
التفسير الرابع : أنه مشتق من لاة إذا ارتفع ، والحق سبحانه وتعالى هو المرتفع عن مشابهة الممكنات ومناسبة المحدثات ؛ لأن الواجب لذاته ليس إلا هو ، والكامل لذاته ليس إلا هو ، والأحد الحق في هويته ليس إلا هو ، والموجد لكل ما سواه ليس إلا هو ، وأيضاً فهو تعالى مرتفع عن أن يقال : إن ارتفاعه بحسب المكان ، لأن كل ارتفاع حصل بسبب المكان فهو للمكان بالذات وللمتمكن بالعرض ؛ لأجل حصوله في ذلك المكان ، وما بالذات أشرف مما بالغير ، فلو كان هذا الارتفاع بسبب المكان لكان ذلك المكان أعلى وأشرف من ذات الرحمن ، ولما كان ذلك باطلاً علمنا أنه سبحانه وتعالى أعلى من أن يكون علوه بسبب المكان ، وأشرف من أن ينسب إلى شيء مما حصل في عالم الإمكان . التفسير الخامس : من أله في الشيء إذا تحير فيه ولم يهتد إليه ، فالعبد إذا تفكر فيه تحير ؛ لأن كل ما يتخيله الإنسان ويتصوره فهو بخلافه ، فإن أنكر العقل وجوده كذبته نفسه ؛ لأن كل ما سواه فهو محتاج ، وحصول المحتاج بدون المحتاج إليه محال ، وإن أشار إلى شيء يضبطه الحس والخيال وقال إنه هو كذبته نفسه أيضاً ؛ لأن كل ما يضبطه الحس والخيال فأمارات الحدوث ظاهرة فيه ، فلم يبق في يد العقل إلا أن يقر بالوجود والكمال مع الاعتراف بالعجز عن الإدراك ، فههنا العجز عن درك الإدراك إدراك ، ولا شك أن هذا موقف عجيب تتحير العقول فيه وتضطرب الألباب في حواشيه . التفسير السادس : من لاه يلوه إذا احتجب ، ومعنى كونه محتجباً من وجوه : الأول : أنه بكنه صمديته محتجب عن العقول . الثاني : أن لو قدرنا أن الشمس كانت واقفة في وسط الفلك غير متحركة كانت الأنوار باقية على الجدران غير زائلة عنها ، فحينئذٍ كان يخطر بالبال أن هذه الأنوار الواقعة على هذه الجدران ذاتية لها ، إلا لما شاهدنا أن الشمس تغيب وعند غيبتها تزول هذه الأنوار عن هذه الجدران فبهذا الطريق علمنا أن هذه الأنوار فائضة عن قرص الشمس ، فكذا ههنا الوجود الواصل إلى جميع عالم المخلوقات من جناب قدرة الله تعالى كالنور الواصل من قرص الشمس ، فلو قدرنا أنه كان يصح على الله تعالى الطلوع والغروب والغيبة والحضور لكان عند غروبه يزول ضوء الوجود عن الممكنات ، فحينئذٍ كان يظهر أن نور الوجود منه ، لكنه لما كان الغروب والطلوع عليه محالاً لا جرم خطر ببال بعض الناقصين أن هذه الأشياء موجودة بذواتها ولذواتها ، فثبت أنه لا سبب لاحتجاب نوره إلا كمال نوره ، فلهذا قال بعض المحققين : سبحان من احتجب عن العقول بشدة ظهوره ، واختفى عنها بكمال نوره
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 160