نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 146
إذا عرفت هذا فلنذكر أحكام هذه الأقسام فنقول : أما قوله : * ( لا إله إلا أنا ) * فهذا الكلام لا يجوز أن يتكلم به أحد إلا الله أو من يذكره على سبيل الحكاية عن الله ، لأن تلك الكلمة تقتضي إثبات الإلهية لذلك القائل ، وذلك لا يليق إلا بالله سبحانه ، واعلم أن معرفة هذه الكلمة مشروطة بمعرفة قوله : " أنا " وتلك المعرفة على سبيل التمام والكمال لا تحصل إلا للحق سبحانه وتعالى ؛ لأن علم كل أحد بذاته المخصوصة أكمل من علم غيره به ، لا سيما في حق الحق تعالى ، فثبت أن قوله : " لا إله إلا أنا " لم يحصل العلم به على سبيل الكمال إلا للحق تعالى ، وأما الدرجة الثانية وهي قوله : " لا إله إلا أنت " فهذا يصح ذكره من العبد لكن بشرط أن يكون حاضراً لا غائباً ، لكن هذه الحالة إنما اتفق حصولها ليونس عليه السلام عند غيبته عن جميع حظوظ النفس ، وهذا تنبيه على أن الإنسان ما لم يصر غائباً عن كل الحظوظ لا يصل إلى مقام المشاهدة ، وأما الدرجة الثالثة وهي قوله : " لا إله إلا هو " فهذا يصح من الغائبين . واعلم أن درجات الحضور مختلفة بالقرب والبعد ، وكمال التجلي ونقصانه ، وكل درجة ناقصة من درجات الحضور فهي غيبة بالنسبة إلى الدرجة الكاملة ، ولما كانت درجات الحضور غير متناهية كانت مراتب الكمالات والنقصانات غير متناهية ، فكانت درجات الحضور والغيبة غير متناهية ، فكل من صدق عليه أنه حاضر فباعتبار آخر يصدق عليه أنه غائب ، وبالعكس وعن هذا قال الشاعر : - أبا غائباً حاضراً في الفؤاد * سلام على الغائب الحاضر ويحكى أن الشبلي لما قربت وفاته قال بعض الحاضرين : قل لا إله إلا الله ، فقال : - كل بيت أنت حاضره * غير محتاج إلى السرج وجهك المأمول حجتنا * يوم تأتي الناس بالحجج أسرار من التصوف في لفظ " هو " : واعلم أن لفظ " هو " فيه أسرار عجيبة وأحوال عالية ، فبعضها يمكن شرحه وتقريره وبيانه ، وبعضها لا يمكن ، قال مصنف الكتاب : وأنا بتوفيق الله كتبت أسراراً لطيفة ، إلا أني كلما أقابل تلك الكلمات المكتوبة بما أجده في القلب من البهجة والسعادة عند ذكر كلمة " هو " أجد المكتوب بالنسبة إلى تلك الأحوال المشاهدة حقيراً ، فعند هذا عرفت أن لهذه الكلمة تأثيراً عجيباً في القلب لا يصل البيان إليه ، ولا ينتهي الشرح إليه ، فلنكتب ما يمكن ذكره فنقول : فيه أسرار : الأول : أن الرجل إذا قال : " يا هو " فكأنه يقول : من
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 146