نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 174
النبيين والصديقين ) * الذين صدقوا بنسبة الأفعال والصفات إلى الله ، بالانخلاع عن صفاتهم والاتصاف بصفاته ولو ظهروا بصفات نفوسهم لكانوا كاذبين * ( والشهداء ) * أي : أهل الحضور * ( والصالحين ) * أي : أهل الاستقامة في الدين . * ( ذلك الفضل ) * أي : التوفيق لتحصيل الكمال الذي ناسبوا به النبيين ومن معهم فرافقوهم . * ( عليماً ) * يعلم ما في استعدادهم من الكمال فيظهره عليهم * ( خذوا حذركم ) * أي : ما تحذرون من إلقاء الشيطان ووساوسه وإهلاكه إياكم بالإغواء ، ومن ظهور صفات نفوسكم واستيلائها عليكم ، فإنها أعدى عدوكم * ( فانفروا ثبات ) * اسلكوا في سبيل الله جماعات ، كل فرقة على طريقة شيخ كامل عالم * ( أو انفروا جميعاً ) * في طريق التوحيد والإسلام على متابعة النبي * ( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله ) * إلى آخره ، ثبت أنهم قدريون يضيفون الخيرات إلى الله والشرور إلى الناس ، يتشبهون بالمجوس في الثبات ، مؤثرين مستقلين في الوجود ، وإضافتهم الشرور إلى الرسول لا إلى أنفسهم كانت لأنه باعثهم ومحرضهم على ما يلقون بسببه الشر عندهم . فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوتهم إلى توحيد الأفعال ونفي التأثير عن الأغيار والإقرار بكونه فاعل الخير والشر بقوله : * ( قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً ) * لاحتجابهم بصفات النفوس وارتجاج آذان قلوبهم التي هي أوعية السماع والوعي . ثم بين أن لله فضلاً وعدلاً ، فالخيرات والكمالات كلها من فضله ، والشرور من عدله ، أي : يقدرها علينا ويفعلها بنا لاستعداد واستحقاق فينا يقتضي ذلك . وذلك الاستحقاق إنما يحدث من ظهور النفس بصفاتها وارتكابها المعاصي والذنوب الموجبة للعقاب لا بفعل آخر كما نسبوا ما أصابهم من الشر إلى الرسول ، لأن الاستحقاق مرتب على الاستعداد ، ولا يعرض ما يقتضيه استعداد أحد لغيره ، كما قال تعالى : * ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) * [ الأنعام ، الآية : 164 ] ، فكذبهم وخطأهم في قدريتهم بإثبات أن : السبب الفاعلي للخير والشر ليس إلا لله وحده بمقتضى فضله وعدله . وأما السبب القابلي فهو وإن كان أيضاً منه في الحقيقة إلا أن قابلية الخير هو من الاستعداد الأصلي الذي هو من الفيض الأقدس الذي لا مدخل لفعلنا واختيارنا فيه ، وقابلية الشر من الاستعداد الحادث بسبب ظهور النفس بالصفات والأفعال الحاجبة للقلب ، المكدرة لجوهره ، حتى احتاج إلى الصقل بالرزايا والمصائب والبلايا والنوائب لا من قبل الرسول أو غيره . تفسير سورة النساء من آية 97 إلى آية 99
174
نام کتاب : تفسير ابن عربي نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 174