نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 84
اعملوا فكل ميسر ، أما من كان من أهل السعادة فإنه ييسر لعمل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فإنه ييسر لعمل الشقاء - ثم قرأ - " فأما من أعطى وأتقى وصدق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى " ] لفظ الترمذي . وقال فيه : حديث حسن صحيح . وسأل غلامان شابان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا : العمل فيه جفت به الأقلام وجرت به المقادير ؟ أم في شئ يستأنف ؟ فقال عليه السلام : [ بل فيما جفت به الأقلام ، وجرت به المقادير ] قالا : ففيم العمل ؟ قال : [ أعملوا ، فكل ميسر لعمل الذي خلق له ] قالا : فالآن نجد ونعمل . الثالثة - قوله تعالى : ( وأما من بخل واستغنى ) أي ضن بما عنده ، فلم يبذل خيرا . وقد تقدم بيانه وثمرته في الدنيا في سورة " آل عمران " [1] . وفي الآخرة مآله النار ، كما في هذه الآية . روى الضحاك عن ابن عباس " فسنيسره للعسرى " قال : سوف أحول بينه وبين الايمان بالله وبرسوله . وعنه عن ابن عباس قال : نزلت في أمية بن خلف وروى عكرمة عن ابن عباس : " وأما من بخل واستغنى " يقول : بخل بماله ، واستغنى عن ربه . ( وكذب بالحسنى ) أي بالخلف . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد : " وكذب بالحسنى " قال : بالجنة . وبإسناد عنه آخر قال " بالحسنى " أي بلا إله إلا الله . " فسنيسره " أي نسهل طريقه . . . " للعسرى " أي للشر . وعن ابن مسعود : للنار . وقيل : أي فسنعسر عليه أسباب الخير والصلاح حتى يصعب عليه فعلها . وقد تقدم أن الملك ينادي صباحا ومساء : [ اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا ] . رواه أبو الدرداء . مسألة : قال العلماء : ثبت بهذه الآية وبقوله : " ومما رزقناهم ينفقون " [2] [ البقرة : 3 ] ، وقوله : " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " [3] [ البقرة : 274 ] إلى غير ذلك من الآيات - أن الجود من مكارم الأخلاق ، والبخل من أرذلها . وليس الجواد الذي يعطي في غير موضع العطاء ، ولا البخيل الذي يمنع في موضع المنع ، لكن الجواد الذي يعطي في موضع العطاء ، والبخيل
[1] راجع ج 4 ص 291 . [2] آية 3 سورة البقرة . [3] آية 274 سورة البقرة .
84
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 84