نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 71
قوله تعالى : ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ( 17 ) أولئك أصحاب الميمنة ( 18 ) و . الذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشئمة ( 19 ) عليهم نار مؤصدة ( 20 ) قوله تعالى : ( ثم كان من الذين آمنوا ) يعني : أنه لا يقتحم العقبة من فك رقبة ، أو أطعم في يوم ذا مسغبة ، حتى يكون من الذين آمنوا ، أي صدقوا ، فإن شرط قبول الطاعات الايمان بالله . فالايمان بالله بعد الانفاق لا ينفع ، بل يجب أن تكون الطاعة مصحوبة بالايمان ، قال الله تعالى في المنافقين : " وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله " ( 1 ) [ التوبة : 54 ] . وقالت عائشة : يا رسول الله ، إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم الطعام ، ويفك العاني ، ويعتق الرقاب ، ويحمل على إبله لله ، فعل ينفعه ذلك شيئا ؟ قال : [ لا ، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ] . وقيل : " ثم كان من الذين آمنوا " أي فعل هذه الأشياء وهو مؤمن ، ثم بقي على إيمانه حتى الوفاة ، نظيره قوله تعالى : " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " ( 2 ) [ طه : 82 ] . وقيل : المعنى ثم كان من الذين يؤمنون بأن هذا نافع لهم عند الله تعالى . وقيل : أتى بهذه القرب لوجه الله ، ثم أمن بمحمد صلى الله عليه وسلم . وقد قال حكيم بن حزام بعدما أسلم ، يا رسول الله ، إنا كنا نتحنث ( 3 ) بأعمال في الجاهلية ، فهل لنا منها شئ ؟ فقال عليه السلام : [ أسلمت على ما أسلفت من الخير ] . وقيل : إن " ثم " بمعنى الواو ، أي وكان هذا المعتق الرقبة ، والمطعم في المسغبة ، من الذين آمنوا . ( وتواصوا ) أي أوصى بعضهم بعضا . ( بالصبر ) على طاعة الله ، وعن معاصيه ، وعلى ما أصابهم من البلاء والمصائب . ( وتواصوا بالمرحمة ) بالرحمة على الخلق ، فإنهم إذا فعلوا ذلك رحموا اليتيم والمسكين . ( أولئك أصحاب الميمنة ) أي الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم ، قال محمد بن كعب القرظي وغيره . وقال يحيى بن سلام : لأنهم ميامين على أنفسهم . ابن زيد : لأنهم أخذوا من شق آدم الأيمن . وقيل : لان منزلتهم عن اليمين ، قاله ميمون بن مهران . ( والذين كفروا
( 1 ) آية 54 سورة التوبة . ( 2 ) آية 82 سورة طه . ( 3 ) أي نتقرب بها إلى الله .
71
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 71