نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 64
قوله تعالى : أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ( 5 ) يقول أهلكت مالا لبدا ( 6 ) أيحسب أن لم يره أحد ( 7 ) ألم نجعل له عيني ( 8 ) ولسانا وشفتين ( 9 ) قوله تعالى : ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) أي أيظن ابن آدم أن لن يعاقبه الله عز وجل . ( يقول أهلكت ) أي أنفقت . ( مالا لبدا ) أي كثيرا مجتمعا . " أيحسب " أي أيظن . ( أن لم يره ) أي أن لم يعاينه " أحد " بل علم الله عز وجل ذلك منه ، فكان كاذبا في قوله : أهلكت ولم يكن أنفقه . وروى أبو هريرة قال : يوقف العبد ، فيقال ماذا عملت في المال الذي رزقتك ؟ فيقول : أنفقته وزكيته . فيقال : كأنك إنما فعلت ذلك ليقال سخي ، فقد قيل ذلك . ثم يؤمر به إلى النار . وعن سعيد عن قتادة : إنك مسؤول عن مالك من أين جمعت ؟ وكيف أنفقت ؟ وعن ابن عباس قال : كان أبو الأشدين يقول : أنفقت في عداوة محمد مالا كثيرا وهو في ذلك كاذب . وقال مقاتل : نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل ، أذنب فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يكفر . فقال : لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات ، منذ دخلت في دين محمد . وهذا القول منه يحتمل أن يكون استطالة بما أنفق ، فيكون طغيانا منه ، أو أسفا عليه ، فيكون ندما منه . وقرأ أبو جعفر " مالا لبدا " بتشديد الباء مفتوحة ، على جمع لا بد ، مثل راكع وركع ، وساجد وسجد ، وشاهد وشهد ، ونحوه . وقرأ مجاهد وحميد بضم الباء واللام مخففا ، جمع لبود . الباقون بضم اللام وكسرها وفتح الباء مخففا ، جمع لبدة ولبدة ، وهو ما تلبد ، يريد الكثرة . وقد مضى في سورة " الجن " القول فيه . ( 1 ) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ " أيحسب " بضم السين في الموضعين . وقال الحسن : يقول أتلفت مالا كثيرا ، فمن يحاسبني به ، دعني أحسبه . ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته ، وأن الله عز وجل يرى صنيعه . ثم عدد عليه نعمه فقال : " ألم نجعل له عينين " يبصر بهما . " ولسانا " ينطق به . " وشفتين " يستر بهما
( 1 ) راجع ج 19 ص 22 وما بعدها .
64
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 64