نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 36
دره . وكان شريح يقول : اخرجوا بنا إلى الكناسة [1] حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت . والإبل : لا واحد لها من لفظها ، وهي مؤنثة ، لان أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظا ، إذا كانت لغير الآدميين ، فالتأنيث لها لازم ، وإذا صغرتها دخلتها الهاء ، فقلت : أبيلة وغنيمة ، ونحو ذلك . وربما قالوا للإبل : إبل ، بسكون الباء للتخفيف ، والجمع : آبال . قوله تعالى : وإلى السماء كيف رفعت ( 18 ) وإلى الجبال كيف نصبت ( 19 ) وإلى الأرض كيف سطحت ( 20 ) قوله تعالى : ( وإلى السماء كيف رفعت ) أي رفعت عن الأرض بلا عمد . وقيل : رفعت ، فلا ينالها شئ . ( وإلى الجبال كيف نصبت ) أي كيف نصبت على الأرض ، بحيث لا تزول ، وذلك أن الأرض لما دحيت مادت ، فأرساها بالجبال . كما قال : " وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم " ( 2 ) [ الأنبياء : 31 ] . ( وإلى الأرض كيف سطحت ) أي بسطت ومدت . وقال أنس : صليت خلف علي رضي الله عنه ، فقرأ " كيف خلقت " و " رفعت " و " نصبت " و " سطحت " ، بضم التاءات ، أضاف الضمير إلى الله تعالى . وبه كان يقرأ محمد بن السميقع وأبو العالية ، والمفعول محذوف ، والمعنى خلقتها . وكذلك سائرها . وقرأ الحسن وأبو حياة وأبو رجاء : " سطحت " بتشديد الطاء وإسكان التاء . وكذلك قرأ الجماعة ، إلا أنهم خففوا الطاء . وقدم الإبل في الذكر ، ولو قدم غيرها لجاز . قال القشيري : وليس هذا مما يطلب فيه نوع حكمة . وقد قيل : هو أقرب إلى الناس في حق العرب ، لكثرتها عندهم ، وهم من أعرف الناس بها . وأيضا : مرافق الإبل أكثر من مرافق الحيوانات الاخر ، فهي مأكولة ، ولبنها مشروب ، وتصلح للحمل والركوب ، وقطع المسافات البعيدة عليها ، والصبر على العطش ، وقلة العلف ، وكثرة الحمل ، وهي معظم أموال العرب . وكانوا يسيرون على الإبل منفردين مستوحشين عن الناس ، ومن هذا حاله تفكر فيما يحضره ، فقد ينظر
[1] الكناسة : سوق الكوفة ترد إليها الإبل بأحمال البضائع ، أو تصدر عنها ، وهي كالمربد للبصرة . ( 2 ) آية 31 سورة الأنبياء .
36
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 36