نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 263
وقد روى ابن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : " الوسواس الخناس " وجهين : أحدهما - أنه الراجع بالوسوسة عن الهدى . الثاني : أنه الخارج بالوسوسة من اليقين . قوله تعالى : الذي يوسوس في صدور الناس ( 5 ) قال مقاتل : إن الشيطان في صورة خنزير ، يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، سلطه الله على ذلك ، فذلك قوله تعالى : " الذي يوسوس في صدور الناس " . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : [ إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ] . وهذا يصحح ما قاله مقاتل . وروى شهر بن حوشب عن أبي ثعلبة الخشني قال : سألت الله أن يريني الشيطان ومكانه من ابن آدم فرأيته ، يداه في يديه ، ورجلاه في رجليه ، ومشاعبه في جسده ، غير أن له خطما كخطم الكلب ، فإذا ذكر الله خنس ونكس ، وإذا سكت عن ذكر الله أخذ بقلبه . فعلى ، ما وصف أبو ثعلبة أنه متشعب في الجسد ، أي في كل عضو منه شعبة . وروي عن عبد الرحمن بن الأسود أو غيره من التابعين أنه قال - وقد كبر سنه - : ما أمنت الزنى وما يؤمنني أن يدخل الشيطان ذكره فيوتده ! فهذا القول ينبئك أنه متشعب في الجسد ، وهذا معنى قول مقاتل . ووسوسته : هو الدعاء لطاعته بكلام خفي ، يصل مفهومه إلى القلب من غير سماع صوت . قوله تعالى : من الجنة والناس ( 6 ) أخبر أن الموسوس قد يكون من الناس . قال الحسن : هما شيطانان ، أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس ، وأما شيطان الانس فيأتي علانية . وقال قتادة : إن من الجن شياطين ، وإن من الانس شياطين ، فتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن . وروي عن أبي ذر أنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شياطين الانس ؟ فقال : أو من الانس شياطين ؟ قال : نعم ، لقوله تعالى : " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين ( 1 ) الإنس والجن " [ الانعام : 112 ] . . . الآية . وذهب قوم إلى أن الناس هنا يراد به الجن . سموا ناسا كما سموا رجالا في قوله : " وأنه كان رجال من
( 1 ) آية 112 من سورة الأنعام .
263
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 263