نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 233
حديث حسن صحيح . فإن قيل : فماذا يغفر للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤمر بالاستغفار ؟ قيل له : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : [ رب اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي في أمري كله ، وما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي خطئي وعمدي ، وجهلي وهزلي ، وكل ذلك عندي . اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أعلنت وما أسررت ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، إنك على شئ قدير ] . فكان صلى الله عليه وسلم يستقصر نفسه لعظم ما أنعم الله به عليه ، ويرى قصوره عن القيام بحق ذلك ذنوبا . ويحتمل أن يكون بمعنى : كن متعلقا به ، سائلا راغبا ، متضرعا على رؤية التقصير في أداء الحقوق ، لئلا ينقطع إلى رؤية الأعمال . وقيل : الاستغفار تعبد يجب إتيانه ، لا للمغفرة ، بل تعبدا . وقيل : ذلك تنبيه لامته ، لكيلا يأمنوا ويتركوا الاستغفار . وقيل : " وأستغفره " أي استغفر لأمتك . ( إنه كان توابا ) : أي على المسبحين والمستغفرين ، يتوب عليهم ويرحمهم ، ويقبل توبتهم . وإذا كان عليه السلام وهو معصوم يؤمر بالاستغفار ، فما الظن بغيره ؟ روى مسلم عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : [ سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ] . قالت : فقلت يا رسول الله أراك تكثر من قول ( سبحان الله وبحمده ، استغفر الله وأتوب إليه ؟ فقال : ( خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي ، فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ، فقد رأيتها : " إذا جاء نصر الله والفتح " - فتح مكة - " ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا . فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا " ) . وقال ابن عمر : نزلت هذه السورة بمنى في حجة الوداع ، ثم نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " [1] [ المائدة : 3 ] فعاش بعدهما النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين يوما . ثم نزلت آية الكلالة [2] ، فعاش بعدها خمسين يوما . ثم نزل " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " [3] [ التوبة : 128 ] فعاش بعدها خمسه وثلاثين يوما . ثم نزل " واتقوا يوما ترجعون فيه [4] إلى الله " فعاش بعدها أحدا وعشرين يوما . وقال مقاتل سبعة أيام . وقيل غير هذا مما تقدم في " البقرة " بيانه [5] ، والحمد الله .
[1] آية 3 سورة المائدة . [2] آخر سورة النساء . [3] آية 128 سورة التوبة . [4] آية 281 سورة البقرة . [5] راجع ج 3 ص 375
233
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 233