نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 172
أقرانه الذين بلغوا الآمال ، وجمعوا الأموال ، كيف انقطعت آمالهم ، ولم تغن عنهم أموالهم ، ومحا التراب محاسن وجوههم ، وافترقت في القبور أجزاؤهم ، وترمل من بعدهم نساؤهم ، وشمل ذل اليتم أولادهم ، واقتسم غيرهم طريفهم وتلادهم . وليتذكر ترددهم [1] في المآرب ، وحرصهم على نيل المطالب ، وانخداعهم لمواتاة الأسباب ، وركونهم إلى الصحة والشباب . وليعلم أن ميله إلى اللهو واللعب كميلهم ، وغفلته عما بين يديه من الموت الفظيع ، والهلاك السريع ، كغفلتهم ، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم ، وليحضر بقلبه ذكر من كان مترددا في أغراضه ، وكيف تهدمت رجلاه . وكان يتلذذ بالنظر إلى ما خوله وقد سالت عيناه ، ويصول ببلاغة نطقه وقد أكل الدود لسانه ، ويضحك لمواتاة دهره وقد أبلى التراب أسنانه ، وليتحقق أن حاله كحاله ، ومآله كمآله . وعند هذا التذكر والاعتبار تزول عنه جميع الأغيار الدنيوية ، ويقبل على الأعمال الأخروية ، فيزهد في دنياه ، ويقبل على طاعة مولاه ، ويلين قلبه ، وتخشع جوارحه . قوله تعالى : كلا سوف تعلمون ( 3 ) ثم كلا سوف تعلمون ( 4 ) ( كلا ) قال الفراء : أي ليس الامر على ما أنتم عليه من التفاخر والتكاثر والتمام على هذا " كلا سوف تعلمون " أي سوف تعلمون عاقبة هذا . ( ثم كلا سوف تعلمون ) : وعيد بعد وعيد ، قاله مجاهد . ويحتمل أن يكون تكراره على وجه التأكيد والتغليظ ، وهو قول الفراء . وقال ابن عباس : " كلا سوف تعلمون " ما ينزل بكم من العذاب في القبر . " ثم كلا سوف تعلمون " في الآخرة إذا حل بكم العذاب . فالأول في القبر ، والثاني في الآخرة ، فالتكرار للحالتين . وقيل " كلا سوف تعلمون " عند المعاينة ، أن ما دعوتكم إليه حق . " ثم كلا سوف تعلمون " : عند البعث أن ما وعدتكم به صدق . وروى زر بن حبيش عن علي رضي الله عنه ، قاله : كنا نشك في عذاب القبر ، حتى نزلت هذه السورة ، فأشار إلى أن قوله : " كلا سوف تعلمون " يعني في القبور . وقيل : " كلا سوف