نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 141
وقال ذو الرمة : حراجيج ما تنفك إلا مناخة * على الخف أو نرمي بها بلدا قفرا [1] يريد : ما تنفك مناخة ، فزاد " إلا " . وقيل : " منفكين " : بارحين ، أي لم يكونوا ليبرحوا ويفارقوا الدنيا ، حتى تأتيهم البينة . وقال ابن كيسان : أي لم يكن أهل الكتاب تاركين صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتابهم ، حتى بعث ، فلما بعث حسدوه وجحدوه . وهو كقوله : " فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " [2] [ البقرة : 89 ] . ولهذا قال : " وما تفرق الذين أوتوا الكتاب " [ البينة : 4 ] . . . الآية . وعلى هذا فقوله " والمشركين " أي ما كانوا يسيئون القول في محمد صلى الله عليه وسلم ، حتى بعث ، فإنهم كانوا يسمونه الأمين ، حتى أتتهم البينة على لسانه ، وبعث إليهم ، فحينئذ عادوه . وقال بعض اللغويين : " منفكين " هالكين من قولهم : أنفك صلا [3] المرأة عند الولادة ، وهو أن ينفصل ، فلا يلتئم فتهلك المعنى : لم يكونوا معذبين ولا هالكين إلا بعد قيام الحجة عليهم ، بإرسال الرسل وإنزال الكتب . وقال قوم في المشركين : إنهم من أهل الكتاب ، فمن اليهود من قال : عزير ابن الله . ومن النصارى من قال : عيسى هو الله . ومنهم من قال : هو ابنه . ومنهم من قال : ثالث ثلاثة . وقيل : أهل الكتاب كانوا مؤمنين ، ثم كفروا بعد أنبيائهم . والمشركون ولدوا على الفطرة ، فكفروا حين بلغوا . فلهذا قال : " والمشركين " . وقيل : المشركون وصف أهل الكتاب أيضا ، لأنهم لم ينتفعوا بكتابهم ، وتركوا التوحيد . فالنصارى مثلثة ، وعامة اليهود مشبهة ، والكل شرك . وهو كقولك : جاءني العقلاء والظرفاء ، وأنت تريد أقواما بأعيانهم ، تصفهم بالامرين . فالمعنى : من أهل الكتاب المشركين . وقيل : إن الكفر هنا هو الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، أي لم يكن الذين كفروا بمحمد من اليهود والنصارى ، الذين هم أهل الكتاب ، ولم يكن المشركون ، الذين هم عبدة
[1] الحراجيج ( جمع حرجوج ) : وهي الناقة الطويلة الضامرة . والخسف : أن تبيت على غير علف . يقول : ما تنفصل من بلد إلى بلد الا مناخة على الخسف . [2] آية 89 سورة البقرة . [3] الصلا : وسط الظهر من الانسان ومن كل ذي أربع . وقيل : هو ما انحدر من الوركين . وقيل : هو ما عن يمين الذنب وشماله .
141
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 141