نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 107
ويوم عرفة ، وعند الجمار ، وعلى الصفا والمروة ، وفي خطبة النكاح ، وفي مشارق الأرض ومغاربها . ولو أن رجلا عبد الله جل ثناؤه ، وصدق بالجنة والنار وكل شئ ، ولم يشهد أن محمدا رسول الله ، لم ينتفع بشئ وكان كافرا . وقيل : أي أعلينا ذكرك ، فذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبلك ، وأمرناهم بالبشارة بك ، ولا دين إلا ودينك يظهر عليه . وقيل : رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء ، وفي الأرض عند المؤمنين ، ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود ، وكرائم الدرجات . قوله تعالى : فإن مع العسر يسرا ( 5 ) إن مع العسر يسرا ( 6 ) أي إن مع الضيقة والشدة يسرا ، أي سعة وغنى . ثم كرر فقال : " إن مع العسر يسرا " ، فقال قوم : هذا التكرير تأكيد للكلام ، كما يقال : ارم ارم ، أعجل أعجل ، قال الله تعالى : " كلا سوف ( 1 ) تعلمون . ثم كلا سوف تعلمون " [ التكاثر : 3 - 4 ] . ونظيره في تكرار الجواب : بلى بلى ، لا ، لا . وذلك للاطناب والمبالغة ، قاله الفراء . ومنه قول الشاعر : هممت بنفسي بعض الهموم * فأولى لنفسي أولى لها ( 1 ) وقال قوم : إن من عادة العرب إذا ذكروا اسما معرفا ثم كرروه ، فهو هو . وإذا نكروه ثم كرروه فهو غيره . وهما اثنان ، ليكون أقوى للأمل ، وأبعث على الصبر ، قاله ثعلب . وقال ابن عباس : يقول الله تعالى خلقت عسرا واحدا ، وخلقت يسرين ، ولن يغلب عسر يسرين . وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورة : أنه قال : [ لن يغلب عسر يسرين ] . وقال ابن مسعود : ( 3 ) والذي نفسي بيده ، لو كان العسر في حجر ، لطلبه اليسر حتى يدخل عليه ، ولن يغلب عسر يسرين . وكتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم ، وما يتخوف منهم ، فكتب إليه عمر رضي الله عنهما : أما بعد ، فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة ، يجعل الله بعده فرجا ، وإنه لن يغلب عسر يسرين ، وإن الله تعالى يقول في كتابه : " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا
( 1 ) آية 3 سورة ألهاكم . ( 2 ) البيت للخنساء . ويروى : * هممت بنفسي كل الهموم * ( 3 ) أي في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
107
نام کتاب : الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي ) نویسنده : القرطبي جلد : 20 صفحه : 107