نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 4 صفحه : 107
وترابها ثيابا [1] ، وماءها طيباً ، والكتاب شعاراً ، والدعاء دثاراً ، ثم قرضوا الدنيا قرضاً على منهاج المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، يا نوف ، ان الله تعالى أوحى الى عبده عيسى عليه السلام ان قُلْ لبني إسرائيل ألا يدخلوا إليَّ إلا بقلوب وجِلة ، وأبصار خاشعة ، وأكف نقية ، واعلِمهم أني لا اجيب لأحد منهم دعوة ولأحد من خلقي قِبَلَهم مَظلمة . قال محمد بن علي الربعي : فو الله لقد كتب المهتدي هذا الخبر بخطه ، وقد كنت اسمعه في جوف الليل وقد خلا بربه في بيت كان لخلوته وهو يبكي ويقول : يا نوف ، طوبى للزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، ويمر في الخبر الى آخره ، الى ان كان من أمره ما كان مع الاتراك وقتلهم اياه . علة حب الدنيا : قال محمد بن علي : قلت للمهتدي ذات يوم - وقد خلوت به ، وقد أكثرنا من ذكر آفات الدنيا ومن رغب فيها ، ومن انحرف عنها وزهد فيها - : يا أمير المؤمنين ، ما للإنسان العاقل المميز مع علمه بجميع آفات الدنيا وسرعة انتقالها وزوالها وغرورها لطلابها يحبها ويأنس إليها ؟ قال المهتدي : حُقَّ ذلك له منها خُلق فهي أمه ، وفيها نشأ فهي عيشه ، ومنها قدر رزقه فهي حياته ، وفيها يعاد فهي كفاته ، وفيها اكتسب الجنة فهي مبدأ سعادته ، والدنيا ممر الصالحين الى الجنة ، فكيف لا يحب طريقاً تأخذ بسالكها الى الجنة في نعيم مقيم [2] خالداً مخلدا ان كان من أهلها ؟ ! وقيل : ان هذا الكلام في جواب علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وأجاب به سائلا سأله عن ذلك ، وهو مأخوذ من كلام امير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حين مدح الدنيا وذم الذام لها ، على حسب ما قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب في باب ذكر زهده وأخباره .
[1] في نسخة : وترابها سباتا . [2] في نسخة : في نعيم لا يزول .
107
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 4 صفحه : 107