نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 203
وكانت هذه الفترة التي دامت من الثالث من ذي الحجة سنة 158 ه حتى 22 محرم سنة 169 ه تعتبر من أيسر فترات الحكم العباسي : بالنسبة للامام وللطالبيين ، الا أن خوفه من شخصية الإمام موسى بن جعفر وقوة تأثيره لم يدعه وشأنه ، ولم يفرغ قلبه من كراهية الطالبيين ، والخوف من ثورتهم والتفاف جماهير الأمة ووجهائها حولهم ، فتعرض للامام الكاظم وطلب من واليه على المدينة أن يبلغ الإمام موسى بن جعفر للحضور إلى بغداد للمحاكمة والسجن ، وكان ما أراد المهدى ، فقد توجه الوالي بالطلب إلى الامام ، في أن يتوجه إلى بغداد للحضور أمام المهدى العباسي ، فشد الامام رحال السفر ، وراح يطوى الفيافي والبيد مظلوما محتسبا ، وسار ركبه ( ع ) وسارت معه قلوب شيعته وأتباعه خائفة وجلة ، الا أنه كان مطمئنا إلى أن يد المهدى العباسي سوف لن تصل إليه بسوء ، فأكد ذلك لاحد خواصه ومريديه . وصل الامام بغداد عاصمة الخلافة العباسية فأمر المهدى بالقبض عليه ، وزجه في السجن ، ولكن عناية الله أكبر من كيد الظالمين ، وحراسته لأوليائه أغلب من قوة الطغاة و وسائل تسلطهم . لقد حدثت كرامة غيبية للإمام موسى بن جعفر ( ع ) إذ رأى المهدى بعد سجنه للامام ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( ع ) في المنام ، وهو يقول له . يا محمد ( هل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ) ؟ . ففزع المهدى وقام من نومه مذعورا ، فاستدعى حاجبه الربيع وأمره باطلاق سراح الإمام ( ع ) ( 1 ) . وهكذا خرج الامام من السجن وعاد إلى مدينة جده ، رسول الله ( ص ) ليواصل مهام الإمامة ومسؤولياتها العلمية والتوجيهية . وبعد هلاك المهدي خلفه ابنه موسى الهادي ، وكانت فترة حكمه من الفترات القاسية الرهيبة في تاريخ الطالبيين ، فقد استمر الحاكم على سياسة آبائه في كراهية العلويين - آل علي بن أبي طالب ( ع ) - وعامة الطالبيين ، ومحاربتهم والتضييق عليهم ، مما اضطر العلويين وأتباعهم إلى اعلان الثورة عليه بقيادة الحسين بن علي الخير صاحب فخ سنة 169 ه في عهد الإمام موسى بن جعفر ( ع ) . ونظر لأهمية هذه الثورة واعتبارها عينة تاريخية معبرة عن روح الصراع بين خط أهل البيت ( ع ) ، وخط الحكام المنحرفين طوال فترة الحكمين الأموي والعباسي ، ونظرا لعلاقتها بشخص الامام وعصره ، وأهميتها في مسيرة الصراع في ذلك العصر ، وشخوصها معلما من معالم الجهاد والشهادة ، من أجل الدفاع عن الاسلام ، ونظرا لخلودها نجما مضيئا في تاريخ الثوار المسلمين ، سنذكرها بشئ من التفصيل لتكون درسا ملهما من مدرسة الاسلام لكل أجيال المسلمين ودعاة الاسلام ، وحملة لواء الجهاد والشهادة من أجل الحق .
1 - ابن خلكان / وفيات الأعيان / ج 5 ص 308 .
203
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 203