نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 194
وكم حاول أبو جعفر المنصور أن يستميل الإمام الصادق ( ع ) إلى جانبه ، الا أنه فشل ، لان الإمام ( ع ) كان يفرض مقاطعة على الحكم العباسي ، وكان يعرف أن مقاطعته ترسم موقفا شرعيا للمسلمين ، وتكشف انحراف السلطة فتضعف مركزها في النفوس ، وتسلب الصفة الشرعية منها وتهيئ الأجواء المناسبة لهدمها والتخلص منها ، ليكون موقفه هذا طريقا ومنهجا وأسلوبا لكل العلماء والمفكرين من السلطات الظالمة . وقد كتب أبو جعفر المنصور إلى الإمام الصادق ( ع ) كتابا يطلب فيه قرب الصادق ، و مصاحبته ، ومما جاء في الكتاب : . لم لا تغشانا كما يغشانا الناس ؟ فكتب إليه الصادق ( ع ) : ليس لنا ما نخافك من أجله ، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنئك ، ولا نراها نقمة فنعزيك . فكتب إليه المنصور : تصحبنا لتنصحنا . فأجابه الصادق ( ع ) : من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك ( 1 ) . وكان أبو جعفر المنصور يزداد غيظا على الإمام الصادق ( ع ) ويخشى مركزه وموقفه ، إلى درجة أصبح المنصور معها حائرا عاجزا عن تحديد موقف من الإمام الصادق ( ع ) حتى قال فيه . هذا الشجن ( 2 ) المعترض في حلوق الخلفاء الذي لا يجوز نفيه ، ولا يحل قتله ، ولولا ما تجمعني وإياه من شجرة طاب أصلها ، وبسق فرعها ، وعذب ثمرها ، وبوركت في الذرية ، و قدست في الزبر ، لكان منى ما لا يحمد في العواقب ، لما بلغني من شدة عيبه لنا ، وسوء القول فينا ( 3 ) . ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن ( النفس الزكية ) ( 145 ه ) : أما الحدث الثالث الخطير الذي وقع في عصر الإمام الصادق ( ع ) ، فهو ثورة محمد ذي النفس الزكية في عصر أبى جعفر المنصور ، فقد تسلم أبو جعفر المنصور السلطة سنة ( 136 ه ) بعد أخيه أبى العباس السفاح وكان من أشد الحكام الذين سبقوه نقمة وعداوة لآل البيت النبوي ( ع ) . وكان عصره عصر ضيق وشدة على عموم المسلمين ، فحركت هذه الاحداث محمد بن عبد الله بن الحسن - ابن عم الإمام الصادق ( ع ) - ، وقد عرضنا فيما سبق من البحث موقف الإمام الصادق ( ع ) من تصدى عبد الله بن الحسن وولده محمد للخلافة ، وأنه كان على يقين من فشل الحركات العلوية ، وقد كان في حواره مع عبد الله بن الحسن في بداية الدعوة العباسية - قبل ثلاثة عشر عاما - قد أخبره بأن
1 - محمد أبو زهرة / الإمام الصادق / ص 139 . * الشجن : العود الصغير الذي إذا اعترض في فم الانسان فمن الصعب ابتلاعه أو لفظه خارج الفم . 3 - محمد أبو زهرة / الإمام الصادق / ص 138 .
194
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 194