نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 175
كان عبد الله بن عمر إذا لقي عبد الله بن جعفر يقول له : السلام عليك يا بن ذي الجناحين . قلت : وأخبار عبد الله بن جعفر في الكرم كثيرة ، وكان بدعوة النبي صلى الله عليه و آله وسلم من أيسر بنى هاشم وأغناهم ، وله في المدينة وغيرها قرى وضياع و متاجرة ، عدا ما كانت تصله من الخلفاء من الأموال ، وكان بيته محط آمال المحتاجين ، و كان لا يرد سائلا قصده ، وكان يبدأ الفقير بالعطاء قبل أن يسأله ، فسئل عن ذلك فقال : لا أحب أن يريق ماء وجهه بالسؤال ، حتى قال فقراء المدينة بعد موته : ما كنا نعرف السؤال حتى مات عبد الله بن جعفر . ويحكى أن الفرزدق الشاعر أتى عبد الملك بن مروان يستميحه ، فأبى أن يعطيه شيئا ، فقال له عبد الله بن جعفر : ما كنت تؤمل أن يعطيك ؟ فقال : كنت أؤمل أن يعطيني ألف دينار في كل سنة ، قال : فكم تؤمل أن تعيش في الدنيا يا أبا فراس ؟ قال : أؤمل أن أعيش في الدنيا أربعين سنة ، فنادى عبد الله بن جعفر غلامه : يا غلام على بالوكيل ، فأتاه و كيله ، فقال له : خذ الفرزدق وأعطه أربعين ألف دينار ، فقبضها ومضى . ومما يدل على سؤدده ومجده وفصاحته وبلاغته : ما رواه ابن أبي الحديد في شرح النهج عن المدائني قال : بينا معاوية يوما جالس وعنده عمرو بن العاص إذ قال الآذن : قد جاء عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، فقال عمرو : والله لأسوئنه اليوم ، فقال معاوية : لا تفعل يا أبا عبد الله ، فإنك لا تنتصف منه ، ولعلك أن تظهر لنا من مغبته ما هو خفي عنا وما لا نحب أن نعلمه منه ، وغشيهم عبد الله بن جعفر ، فأدناه معاوية و قربه ، فمال عمرو إلى بعض جلساء معاوية فنال من علي عليه السلام جهارا غير ساتر له ، وثلبه ثلبا قبيحا ، فالتمع لون عبد الله واعتراه افكل حتى أرعدت خصائله ، ثم نزل عن السرير كالفنيق فقال عمرو : مه يا أبا جعفر ، فقال له عبد الله : مه لا أم لك ، ثم قال : . أظن الحلم دل على قومي * وقد يتجهل الرجل الحليم . ثم حسر عن ذراعيه وقال : يا معاوية حتام نتجرع غيضك ، والى كم الصبر على مكروه قولك ، وسئ أدبك ، وذميم أخلاقك ، هبلتك الهبول ، أما يزجرك ذمام المجالسة من القذع لجليسك إذا لم يكن له حرمة من دينك تنهاك عما لا يجوز لك ؟ أما والله لو عطفتك أواصر الأرحام أو حاميت على سهمك من الاسلام ما أرخيت لبني الإماء المتك والعبيد المسك اعراض قومك ، وما يجهل موضع الصفوة الا أهل نجوة ، وانك لتعرف رشائط قريش ، وصقوة عرائرها ، فلا يدعونك تصويب ما فرط من خطئك في سفك دماء المسلمين ، ومحاربة أمير المؤمنين ، إلى التمادي فيما قد وضح لك الصواب في خلافه ، فاقصد لمنهج الحق ، ، فقد طال عمهك عن سبيل الرشد ، وخبطك في ديجور ظلمة الغى ، ، فإن أبيت الا أن تتابعنا في قبح اختيارك لنفسك فاعفنا عن سوء القالة فينا إذا ضمنا وإياك الندي ، وشأنك و ما تريد إذا خلوت : ، والله حسيبك ، فوالله لولا ما جعل الله لنا في يديك لما أتيناك ، ثم قال : انك ان كلفتني ما لم أطق ساءك ما سرك مني من خلق ، فقال معاوية : يا أبا جعفر لغير الخطأ أقسمت عليك لتجلسن ، لعن الله من أخرج ضب صدرك من وجاره ، محمول لك ما قلت ، ولك عندنا ما أملت ، فلو لم يكن مجدك ومنصبك لكان خلقك وخلقك شافعين لك إلينا ، وأنت
175
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 175