نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 150
فكان ، يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفر ( 1 ) . وحيث أن مدة الاستعدادات للعمل العسكري استغرقت أكثر من ثلاث سنوات ، فلابد أن الشيعة قد اتصلوا بالامام ( ع ) ، وأخبروه بعزم الحركة فلم يمنعهم من نشاطهم ، فيدل ذلك على رضا الإمام ( ع ) من حركة التوابين . إذ من المستبعد عدم معرفة الإمام السجاد ( ع ) بنشاطهم ، ومن المستبعد أن لا يشير بكلمة ، أو بموقف عملي محدد يفهم منه قبوله لتلك الحركة ، أو رده لها ، وحيث أن الشيعة قد تجاوبت مع حركة التوابين ، فهذا يكشف عن وجود موافقة من قبل الإمام السجاد ( ع ) ، وإن لم يصلنا نص في هذا المجال ، إذ لو صدر من الامام شئ ضد الحركة لوصل إلينا ، كما وصل مثلا القدح بالمختار من قبل نفس الإمام السجاد ( ع ) على حسب ما يرويه المسعودي ( 2 ) . حيث أن طبيعة تفكير قيادات الحركة وأشخاصها مؤثرة في مسار الحركة ، إذ أنها تتجه باتجاه تفكير قياداتها ، وحيث أن تلك القيادات من الطراز الشيعي الذي أثبت ولاءه للإمام علي ( ع ) وللإمام الحسن ( ع ) ، وقد خاض التجارب القاسية دفاعا عن هويته الشيعية ، إذ فضلا عن الأشخاص الخمسة الذين تقدم ذكرهم ، والذين عرفوا بتشيعهم الشديد ، فقد انضم تيار الشيعة إلى هذه الحركة ، فقد حدث أبو مخنف قال : . حدثني حميد بن مسلم قال : والله إني لشاهد بهذا اليوم ، يوم ولوا سليمان بن صرد و أنا ، يومئذ لأكثر من مئة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم في داره ( 3 ) . أقول : حيث كل ذلك متوفر في الحركة فلا بد أن يكون نشاطها وأهدافها ، ينطبق مع العقلية الشيعية الموالية لأهل البيت ( ع ) فتكون مرضية للإمام ( ع ) ، وإن لم يصدر من عنده . إن طبيعة أهداف تلك الحركة تضفي الشرعية عليها ، فقد خطب سليمان بن صرد وهو يحدد هدف الحركة قائلا : . إنا كتبنا إلى الحسين بن علي فجاء وأخذ يستصرخ ويسأل النصف فلا يعطاه ، اتخذه الفاسقون غرضا للنبل ، ودرية للرماح حتى أقصدوه ، وعدوا عليه فسلبوه ، ألا انهضوا فقد سخط ربكم ، ولا ترجعوا إلى الحلائل والأبناء حتى يرضى الله ، والله ما أظنه راضيا دون أن تناجزوا من قتله أو تبيروا ( تهلكوا ) ، ألا لا تهابوا الموت ، فوالله ما هابه امرؤ قط إلا ذل ( 4 ) . فهذا الهدف الذي طرحه قادة الحركة ، وتجمعت القوات الشيعية على أساسه : يكشف عن رضا الامام بها ، فالثأر لدم الحسين ( ع ) الذي سعت الحركة للأخذ به كاف لإثبات مشروعيتها ، إذ لا شك في أن قيادات الحركة وجنودها كانوا مخلصين في رفع هذا الشعار ، والقضاء على قتلة الإمام الحسين ورموز فاجعة كربلاء . ومن جهة أخرى فإن التحرك في إطار هذا العنوان مما يرضى عنه الإمام السجاد ( ع ) ، إذ طالما دعا الله في القضاء على قتلة أبيه وأهله .
1 - تاريخ الطبري ج 7 ص 51 . 2 - تاريخ المسعودي ج 3 ص 74 . 3 - تاريخ الطبري ج 7 ص 48 . 4 - تاريخ الطبري ج 7 ص 49 .
150
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 150