نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 119
فأرسل الوليد عبد الله بن عمرو بن عثمان إلى الحسين وابن الزبير يدعوهما ، فوجدهما في المسجد فدعاهما في ساعة لم يكن الوليد يجلس فيها للناس . فقالا : انصرف ، الآن نأتيه ، فقال الحسين لابن الزبير : أرى طاغيتهم قد هلك فبعث إلينا ليأخذنا بالبيعة قبل أن يفشوا في الناس الخبر ، فقال : وأنا ما أظن غيره ، فقام الحسين ( ع ) وجمع إليه مواليه وأهل بيته ، وسار إلى باب الوليد وقال لهم : إني داخل ، فإن دعوتكم أو سمعتم صوته قد علا فاقتحموا علي ، وإلا فلا تبرحوا حتى أخرج إليكم ، فدخل على الوليد ومروان جالس عنده ، فأقرأه الوليد الكتاب ودعاه إلى البيعة ، فاسترجع الحسين وقال : إن مثلي لا يعطي بيعته سرا ، ولا أراك تجتزئ بها مني سرا ، دون أن تظهرها على رؤوس الناس علانية ، قال : أجل ، قال : فإذا خرجت إلى الناس فدعوتهم إلى البيعة دعوتنا مع الناس ، فكان أمرا واحدا ، فقال له الوليد وكان يحب العافية - : انصرف على اسم الله ، فقال له مروان : والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها ، حتى تكثر القتلى بينكم وبينه : إحبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه ، فوثب عند ذلك الحسين ، فقال : يا بن الزرقاء أنت تقتلني أم هو ؟ كذبت والله وأثمت ( 1 ) . إذن فالإمام الحسين ( ع ) رجل عقائدي وصاحب مبدأ وحامل رسالة ، وهو على استعداد للتضحية والبذل والفداء من أجل إعلاء كلمة الله ، وقد تجسد هذا المفهوم في منهج الحسين ، فهو سبط الرسول الأكرم ( ص ) الذي عرض عليه المشركون الدنيا بأبعادها ، قائلين لأبي طالب عمه وناصره ، مؤمن قريش : قل لابن أخيك إن كان يريد مالا أعطيناه مالا لم يكن لأحد من قريش ، وإن كان يريد ملكا توجناه على العرب . . . الخ ، فما كان من النبي ( ص ) إلا أن رد برباطة جأش وعزيمة لا تلين على مقارعة الكفار ، وإقامة حكم الله في الأرض ، وايمان بالله : يا عماه ، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه : ما تركته ( 2 ) . وهل أبوه إلا علي بن أبي طالب الفدائي الأول للإسلام ولنبيه محمد ( ص ) في كل الحروب والمواطن ؟ أو ليس عمه جعفر الطيار الذي نصر الإسلام بكل ما يملك وحمزة سيد الشهداء ؟ فالحسين ينطلق من مفهوم جده وأبيه وأعمامه الخيرين : إذ رأى أنه لابد أن يفك الخناق الذي فرضه الأمويون على الإسلام ، وأن يغذي شجرة الإسلام التي كادت أن تنضب وتجف . جدير بالذكر أنه التزم بمواقف أخيه الحسن مدة إمامته ، لأن الحسين ممن تجب عليه طاعته والانقياد له ، لما هو من الثابت أن الإمام إنما يتصرف حسب المصالح اللازمة ، وطبقا للموازين الشرعية التي تمليها عليه الظروف ، وقد استغل معاوية ، حلم الإمام الحسن ( ع ) ، ليتمادى في غيه وتجاوزاته وتعديه على كل القيم الإسلامية ، فخطط لموبقاته خططا جهنمية ، أدت نتائجها إلى هدم كيان الإسلام واجتثاث قواعده ، فبدأ بتحريف الحقائق ونشر البدع ، ومنع الحديث النبوي ، وإبطال السنة وأخزى نفسه بمخالفته كثيرا من بنود
1 - الطبري ج 6 ص 188 - 190 . 2 - أنظر الكامل لابن الأثير ج 2 ص 43 .
119
نام کتاب : رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ نویسنده : السيد لطيف القزويني جلد : 1 صفحه : 119