نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 510
الحكماء العناصر والمواليد أقساما حية وأقساما ميتة فجعلوا كل متحرك فاعلا حيا وكل ساكن مفعولا ميتا وقسموا ذلك في جميع الأشياء وفي الأجساد الذائبة وفي العقاقير المعدنية فسموا كل شئ يذوب في النار ويطير ويشتعل حيا وما كان على خلاف ذلك سموه ميتا فأما الحيوان والنبات فسموا كل ما انفصل منها طبائع أربعا حيا وما لم ينفصل سموه ميتا ثم إنهم طلبوا جميع الأقسام الحية فلم يجدوا لوفق هذه الصناعة مما ينفصل فصولا أربعة ظاهرة للعيان ولم يجدوا غير الحجر الذي في الحيوان فبحثوا عن جنسه حتى عرفوه وأخذوه ودبروه فتكيف لهم منه الذي أرادوا وقد يتكيف مثل هذا في المعادن والنبات بعد جمع العقاقير وخلطها ثم تفصل بعد ذلك فأما النبات فمنه ما ينفصل ببعض هذه الفصول مثل الأشنان وأما المعادن ففيها أجساد وأرواح وأنفاس إذا مزجت ودبرت كان منها ما له تأثير وقد دبرنا كل ذلك فكان الحيوان منها أعلى وأرفع وتدبيره أسهل وأيسر فينبغي لك أن تعلم ما هو الحجر الموجود في الحيوان وطريق وجوده إنا بينا أن الحيوان أرفع المواليد وكذا ما تركب منه فهو ألطف منه كالنبات من الأرض وإنما كان النبات ألطف من الأرض لأنه إنما يكون من جوهره الصافي وجسده اللطيف فوجب له بذلك اللطافة والرقة وكذا هذا الحجر الحيواني بمنزلة النبات في التراب وبالجملة فإنه ليس في الحيوان شئ ينفصل طبائع أربعا غيره فافهم هذا القول فإنه لا يكاد يخفى إلا على جاهل بين الجهالة ومن لا عقل له فقد أخبرتك ماهية هذا الحجر وأعلمتك جنسه وأنا أبين لك وجوه تدبيره حتى يكمل الذي شرطناه على أنفسنا من الانصاف إن شاء الله سبحانه ( التدبير على بركة الله ) خذ الحجر الكريم فأودعه القرعة والإنبيق وفصل طبائعه الأربع التي هي النار والهواء والأرض والماء وهي الجسد والصبغ فإذا عزلت الماء عن التراب والهواء عن النار فارفع كل واحد في إنائه على حدة وخذ الهابط أسفل الاناء وهو والثفل فاغسله بالنار الحارة حتى تذهب النار عنه سواده ويزول غلظه وجفاؤه وبيضه تبييضا محكما وطير عنه فضول الرطوبات المستجنة فيه فإنه يصير عند ذلك ماء أبيض لا ظلمة فيه ولا وسخ ولا تضاد ثم اعمد إلى تلك الطبائع الأول الصاعدة منه فطهرها أيضا من السواد والتضاد وكرر عليها الغسل والتصعيد
510
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون جلد : 1 صفحه : 510