responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 509


يمكن منه العمل على ما ذكرته الفلاسفة فقد اختلفوا فيه فمنهم من زعم أنه في الحيوان ومنهم من زعم أنه في النبات ومنهم من زعم أنه في المعادن ومنهم من زعم أنه في الجميع وهذه الدعاوى ليست بنا حاجة إلى استقصائها ومناظرة أهلها عليها لان الكلام يطول جدا وقد قلت فيما تقدم إن العمل يكون في كل شئ بالقوة لان الطبائع موجودة في كل شئ فهو كذلك فنريد أن تعلم من أي شئ يكون العمل بالقوة والفعل فنقصد إلى ما قاله الحراني إن الصبغ كله أحد صبغين إما صبغ جسد كالزعفران في الثوب الأبيض حتى يحول فيه وهو مضمحل منتقض التركيب والصبغ الثاني تقليب الجوهر من جوهر نفسه إلى جوهر غيره ولونه كتقليب الشجر بل التراب إلى نفسه وقلب الحيوان والنبات إلى نفسه حتى يصير التراب نباتا والنبات حيوانا ولا يكون إلا بالروح الحي والكيان الفاعل الذي له توليد الاجرام وقلب الأعيان فإذا كان هذا هكذا فنقول إن العمل لابد أن يكون إما في الحيوان وإما في النبات وبرهان ذلك أنهما مطبوعان على الغذاء وبه قوامهما وتمامهما فاما النبات فليس فيه ما في الحيوان من اللطافة والقوة ولذلك قل خوض الحكماء فيه وأما الحيوان فهو آخر الاستحالات الثلاث ونهايتها وذلك أن المعدن يستحيل نباتا والنبات يستحيل حيوانا والحيوان لا يستحيل إلى شئ هو الطف منه إلا أن ينعكس راجعا إلى الغلظ وأنه أيضا لا يوجد في العالم شئ تتعلق فيه الروح الحية غيره والروح الطف ما في العالم ولم تتعلق الروح بالحيوان إلا بمشاكلته إياها فأما الروح التي في النبات فإنها يسيرة فيها غلظ وكثافة وهي مع ذلك مستغرقة كامنة فيه لغلظها وغلظ جسد النبات فلم يقدر على الحركة لغلظه وغلظ روحه والروح المتحركة ألطف من الروح الكامنة كثيرا وذلك أن المتحركة لها قبول الغذاء والتنقل والتنفس وليس للكامنة غير قبول الغذاء وحده ولا تجري إذا قيست بالروح الحية إلا كالأرض عند الماء كذلك النبات عند الحيوان فالعمل في الحيوان أعلى وأرفع وأهون وأيسر فينبغي للعاقل إذا عرف ذلك أن يجرب ما كان سهلا ويترك ما يخشى فيه عسرا . واعلم أن الحيوان عند الحكماء ينقسم أقساما من الأمهات التي هي الطبائع والحديثة التي هي المواليد وهذا معروف متيسر الفهم فلذلك قسمت

509

نام کتاب : تاريخ ابن خلدون نویسنده : ابن خلدون    جلد : 1  صفحه : 509
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست