responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 307


وفى ذلك رويتم عنه صلى الله عليه وآله أنه قال : " ما دعوت أحدا إلى الاسلام إلا وكان له تردد ونبوة إلا ما كان من أبى بكر فإنه لم يتلعثم حتى هجم به اليقين إلى المعرفة والاسلام . فأين إسلام هذا وإسلام من خلى وعقله ، وألجئ إلى نظره مع صغر سنه واعتلاج الخواطر على قلبه . ونشأته في ضد ما دخل فيه ، والغالب على أمثاله وأقرانه حب اللعب واللهو . فلجأ إلى ما ظهر له من دلائل الدعوة ، ولم يتأخر إسلامه فيلزمه التقصير بالمعصية ، فقهر شهوته ، وغالب خواطره ، وخرج من عادته وما كان غذى به ، لصحة نظره ، ولطافة فكره . وغامض فهمه ، فعظم استنباطه ، ورجح فضله ، وشرف قدر إسلامه ، ولم يأخذ من الدنيا بنصيب ولا تنعم فيها بنعيم ، حدثا ولا كبيرا ، [ وحمى نفسه عن الهوى [1] ] ، وكسر شرة حداثته بالتقوى ، واشتغل بهم الدين عن نعيم الدنيا ، وأشغل [2] هم الآخرة قلبه ، ووجه إليه رغبته ، فإسلامه هو السبيل الذي لم يسلم عليه أحد غيره ، وما سبيله في ذلك إلا كسبيل الأنبياء ، ليعلم أن منزلته من النبي صلى الله عليه وآله كمنزلة هارون من موسى ، وأنه وإن لم يكن نبيا فقد كان في سبيل الأنبياء سالكا . ولمنهاجهم متبعا ، وكانت حاله كحال إبراهيم عليه السلام ، فإن أهل العلم ذكروا أنه لما كان صغيرا جعلته أمه في سرب لم يطلع عليه أحد ، فلما نشأ ودرج وعقل قال لامه : من ربى ؟ قالت : أبوك . قال : فمن رب أبى ؟ فزبرته ونهرته ، إلى أن اطلع من شق السرب فرأى كوكبا فقال : هذا ربى . فلما أفل قال : لا أحب الآفلين ، فلما رأى القمر بازغا قال : هذا ربى . فلما أفل قال : لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الضالين . فلما رأى الشمس بازغة قال : هذا ربى هذا أكبر . فلما أفلت قال : يا قوم إني برئ مما تشركون ، إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين . وفى ذلك يقول الله جل ثناؤه : " وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين " . وعلى هذا كان إسلام الصديق الأكبر



[1] التكملة من ط .
[2] كذا في النسختين ، ولعلها " أشعر " .

307

نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست