نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 306
الناس ويعتزل ويطلب الخلوة وينقطع في جبل حراء . وكان علي عليه السلام معه كالتابع والتلميذ ، فلما بلغ الحلم وجاءت النبي صلى الله عليه وآله الملائكة وبشرته بالرسالة ، دعاه فأجابه عن نظر ومعرفة بالأعلام في المعجزة ، فكيف يقول الجاحظ إن إسلامه لم يكن مقتضبا ؟ ! وإن كان إسلامه ينقص عن إسلام غيره في الفضيلة لما كان يمرن عليه من التعبد مع رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الدعوة ، ليكونن طاعة كثير من المكلفين أفضل من طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمثاله من المعصومين ، لان العصمة عند أهل العدل لطف يمنع من اختص به من ارتكاب القبيح . فمن اختص بذلك اللطف كانت الطاعة عليه أسهل ، فوجب أن يكون ثوابه أنقص من ثواب من أطاع مع تلك الألطاف . وكيف يقول الجاحظ إن إسلامه ناقص عن إسلام غيره وقد جاء في الخبر أنه أسلم يوم الثلاثاء واستنبئ النبي صلى الله عليه وآله يوم الاثنين ، فمن هذه حاله لم تكثر حجج الرسالة على سمعه ، ولا تواترت أعلام النبوة على مشاهدته . ولا تطاول الوقت عليه لتخف محنته ويسقط ثقل تكليفه ، بل بان فضله وظهر حسن اختياره لنفسه ، إذ أسلم حال بلوغه ، وعانى نوازع طبعه ، ولم يؤخر ذلك بعد سماعه . وقد غمر الجاحظ في كتابه هذا أن أبا بكر كان قبل إسلامه مذكورا ، ورئيسا معروفا ، يجتمع إليه كثير من أهل مكة فينشدون الاشعار ويتذاكرون الاخبار ويشربون الخمر ، وقد كان سمع دلائل النبوة . وحجج الرسل ، وسافر إلى البلدان ووصلت إليه الاخبار ، وعرف دعوى الكهنة وحيل السحرة ، ومن كان كذلك كان انكشاف الأمور له أظهر ، والاسلام عليه أسهل ، والخواطر على قلبه أقل اعتلاجا ، وكل ذلك عون لأبي بكر على الاسلام ، ومسهل إليه سبيله ، ولذلك لما قال النبي صلى الله عليه وآله : " أتيت بيت المقدس " سأله أبو بكر عن المسجد ومواضعه ، فصدقه وبان له أمره ، وخفت مؤنته لما تقدم معرفته بالبيت . فخرج إذا إسلام أبى بكر على قول الجاحظ من معنى المقتضب .
306
نام کتاب : العثمانية نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 306