تحتهم فجعلوا يتساقطون فيها ولا يبصرون في يوم ذي ضباب ، فهم يرتكسون فيها لا يعلم آخرهم ما لقي أولهم حتى سقط فيها نحو من مائة ألف رجل ما أحصوا إلا بالقصب ، وبعث أبو عبيدة من الغد في عدهم فوجدوا أكثر من ثمانين ألفاً ، فسميت تلك الأهوية الواقوصة لأنهم وقصوا فيها وما فطنوا لتساقطهم ، حتى انكشف الضباب فأخذوا في وجه آخر ، والخبر مبسوط في وقيعة اليرموك ، ذكره أصحاب فتوح الشام . وانيامة : من بلاد رومية ، عين جارية من شرب منها ممن في عينيه غشاوة أو ضرر أو بياض جلا بصره وأذهب ما كان يجد فيها من ضر . واسم : قيل إنه مهبط آدم عليه السلام ، ونزلت حواء بالهند ، قاله ابن إسحاق . وانشريس : جبل وانشريس في قبلة فكان ، وبه شعراء غامضة ، وتسكنه قبائل من البربر مكناسة وأوربة وكتامة ومطماطة وزواوة وغيرهم ، وطول هذا الجبل أربعة أيام وينتهي طرفه إلى قرب تاهرت . وانسيفن : بالمغرب عند قلعة مهدي ببلاد فازاز ، وواديها هو المعروف بوادي أم ربيع ، وسيأتي له ذكر إن شاء الله تعالى . واركلان : في طرف الصحراء مما يلي إفريقية ، وهو بلد خصيب كثير النخل والبساتين ، وفيه سبع مدائن مسورة حصينة بعضها قريب من بعض ، وهي كثيرة الزرع والضرع والبساتين والمياه ، والعجب أن الرجل منهم يحفر فيها بئراً بأزيد من مائة دينار ، فإن أرضهم صلبة والماء بعيد يدرك على أزيد من مائة قامة ، فيجد على الماء طبقاً من حجر صلد فيستبشر عند وجوده ، ويطعم أصحابه فرحاً به ، وينزل إليه من يعرف كيف ينقره مربوطاً في حبال وثيقة ، وينقره فيفور الماء ، فإن أبطأ الرجال في رفعه حتى يدركه الماء هلك لحينه ، ويبقى الماء على مر الدهور يفور ، وهكذا جميع آبارهم ، وبها يسقون جناتهم وزرعهم ونخلهم . وتضرب ببلد واركلان دنانير على نوع المرابطية ، وهي مشهورة ، وبين واركلان والجريد أربعة وعشرون يوماً ، ومن بلاد الجريد إلى القيروان سبعة أيام ، وأهل واركلان بربر ، وفيهم جمال ، ونساؤهم موصوفات بالحسن ، وبينها وبين غدامس نحو عشرين يوماً في صحراء قليلة الماء ، في هذه الصحراء معدن حجارة يشبه العقيق ، وربما كان في الحجر الواحد منها ألوان من الحمرة والصفرة والبياض ، وهو أنفق شيء ببلاد السودان عامة وغيرها ، وهو عندهم أجل من الياقوت ، وهو كالياقوت لا يعمل فيه الحديد ، إنما يثقب بحجر آخر ، ولا يظهر معدن هذا الحجر حتى تذبح الإبل فينضح الموضع بدمها ، وفي هذه الصحراء معدن الشب الطيب . الواحات : هي بلاد كثيرة في الصحراء ما بين إفريقية وبلاد مصر ، ولولا قلة الماء في هذه الصحراء لكان الطريق من إفريقية إلى مصر على الواحات أقرب ، وبلاد الواحات كثيرة التمر والنخل ، وفيها مدن كثيرة مسورة وغير مسورة ، وكل مدينة منها لها اسم يعود إلى ألواح ، وأهلها مسلمون ، وهي آخر بلاد الإسلام ، بينها وبين بلاد النوبة ست مراحل ، وفي بعض مدن الواحات قبائل من لواتة ، وإنما أهلها أقباط . وفي هذه الأرض أرض شبية وزاجية ، وعيون حامضة الطعوم تستعمل كاستعمال الخل ، وعيون مختلفة الطعوم من المر والحامض والحريف والملح ، ولكل نوع منها منفعة وخاصية . وزعموا أن في أقصى بلاد الواحات بلداً يقال له واح صبرو لا يقع عليها إلا من ضل في الصحراء في النادر من الزمان ، وأنه بلد عظيم كثير الخيرات من النخل والزرع وجميع الفواكه ومعادن