منية نصر : قرية بالأندلس قريبة من قرطبة موفية على النهر ، وهي في شرقيها وتعرف بأرحاء الحناء ، وهي منية فسيحة ذات مبان رفيعة ، والذي ابتنى منية نصر الإمام عبد الله بن محمد ، وفي ذلك يقول عبيد الله بن يحيى من قصيدة له : لعل زماني يستجد بوصلها * تجدد عهد الملك في منية النصر فكم صدفت عنها الخطوب وأحرزت * جنان المصلى دونها حلة الفخر جفاها البلا إذ واصل الملك ربعها * وتم بها قصر يضاهي سنا البدر قريب المدى رحب المحل تحفه * رياض ونهر تحت عقوته يجري والركن الشرقي مما يلي القبلة من هذه المنية يعرف بالركين ، وهو على النهر وفيه ثمرات زيتون ، وبين النهر وبين الركن موضع ينتابه النبيذيون وينتجعه الظرفاء فلا يكاد يخلو منهم ، يتفيئون ظله ويعومون في نميره لاشتهاره وبرده ، وفي ذلك يقول محمد بن شخيص على لسان ابن الحمالة إذ كان غائباً في القسطنطينية في شعر له طويل : أقر السلام على الركين وقل له * مذ غبت لم أرتح لظل نسيم سقياً لظلك بالعشي وبالضحى * ولبرد مائك في احتدام سموم لو كنت أملك منع مائك لم يقم * في ظل ساحك منتم للئيم نقل في هذه الأبيات معنى شعر ابن المعتز وكثيراً من لفظه ، وهو : اقرأ على الوشل السلام وقل له * كل المشارب مذ هجرت ذميم منية ابن الخصيب : بينها وبين مدينة القيس نصف يوم ، وهي في الضفة الشرقية من النيل ، وهي عامرة كثيرة الأسواق والحمامات وسائر مرافق المدن ، وحولها جنات وأرض متصلة العمارات وقصب وأعناب كثيرة ومتنزهات ومبان حسان . المنكب : بالأندلس ، مرسى المنكب صيفي يكن بشرقيه ، وله نهر يريق في البحر ، وعليه حصن كبير لا يرام ، به ربض وأسواق وجامع ، وفيه آثار للأول كثيرة ، وكانت لهم فيه مياه مجلوبة وآثار قنيها بها إلى اليوم ، وبقرب الحصن من ناحية الشمال ديماس عظيم مبني من حجارة مربع الأسفل محدد الأعلى ، ارتفاعه نحو مائة ذراع ، في رأسه منفس للماء المجلوب إليها ، وقد نحت في عرض جهة الديماس الجنوبية من أعلاه إلى أسفله مصب للماء ، حتى وصل إلى الأرض فدل أن الماء كان مجلوباً من موضع هو أرفع من هذا الصنم ، وبهذا المرسى خرج الإمام عبد الرحمن بن معاوية عند دخوله الأندلس وذلك في ربيع الأول من سنة ثمان وثلاثين ومائة . ويتلو مرسى المنكب في الشرق مرسى شلوبينية . والمنكب مدينة حسنة متوسطة كثيرة مصايد السمك وبها فواكه جمة . قال بعض أهل الأخبار ما هو كالتفسير لما قدمناه : في وسط المنكب بناء مربع كالصنم ، أسفله واسع وأعلاه ضيق ، به حفيران من جانبيه ، متصلان من أسفله إلى أعلاه ، وبإزائه من الناحية الواحدة في الأرض حوض كبير يأتي إليه الماء من نحو ميل على ظهر قناطر كثيرة معقودة من الحجر الصلد ، ينصب ماؤها في ذلك الحوض ، ويذكر أهل المعرفة من أهل المنكب