بن زياد وقال له : إنك شيخ بني عبد مناف فلا تفعل ، فسار مروان إلى الجابية من أرض الجولان ، بين دمشق والأردن ، واستمال الضحاك بن قيس الفهري الناس ورأسهم وانحاز عن مروان ، وأراد دمشق ، فسبقه إليها الأشدق عمرو بن سعيد ، فصار الضحاك إلى حوران والبثنية ، ثم اتفقا على بيعة مروان على غير رضى من كثير من الناس ، وكان يلقب خيط باطل ، وفيه يقول عبد الرحمن بن الحكم : لحى الله قوماً أمروا خيط باطل * على الناس يعطي ما يشاء ويمنع وسار مروان نحو الضحاك بن قيس الفهري ، وقد انحازت قيس وسائر مضر وغيرهم من نزار إلى الضحاك ، ومعه ناس من قضاعة ، فأظهر الضحاك ومن معه خلافة ابن الزبير ، والتقيا بمرج راهط ، فقتل الضحاك بن قيس ، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة ، وكان زفر بن الحارث مع الضحاك ، فلما أمعن السيف في قومه ولى ومعه رجلان من بني سليم قصر فرساهما ، وغشيتهم اليمانية من خيل مروان ، فقالا له : انج بنفسك فإنا مقتولان ، فولى راكضاً ، ولحق الرجلان فقتلا ، وفي ذلك يقول زفر : لعمري لقد أبقت وقيعة راهط * لمروان صدعاً بيننا متنائيا أريني سلاحي لا أبا لك إنني * أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا فقد ينبت المرعى على دمن الثرى * وتبقى حزازات النفوس كما هيا أتذهب كلب لم تنلها رماحنا * وتترك قتلى راهط هي ما هيا فلم ترى مني نبوة قبل هذه * فراري وتركي صاحبي ورائيا عشية أعدوا في الفريقين لا أرى * من القوم إلا من عليا ولا ليا أيذهب يوم واحد إن أسأته * بصالح أيامي وحسن بلائيا أبعد ابن عمرو وابن معن تتابعا * ومقتل همام أرجي الأمانيا وانتهى زفر إلى قرقيسيا فغلب عليها ، واستقام الشام لمروان ، وبث فيه رجاله وعماله ، وسار في جنوده من أهل الشام إلى مصر فحاصرها ، وكانوا زبيرية ، وكان بينهم وبين مروان قتال يسير ، وتوافقوا على الصلح ، واستعمل ابنه عبد العزيز عليها فهلك مروان بدمشق في هذه السنة ، وهي سنة خمس وستين ، قيل مات مطعوناً ، وقيل حتف أنفه ، وقيل قتلته زوجته فاختة بنت أبي هاشم بن عتبة أم خالد بن يزيد بن معاوية ، وكان قال له في جملة خطابه : يا ابن الرطبة ، ليضع منه ، فدخل على أمه فقبح عليها تزويجها مروان ، وشكا لها ما نزل به منه ، فقالت : لا يعيبك بعدها ، فقيل : وضعت على نفسه وهو نائم وسادة وقعدت فوقها مع جواريها حتى مات ، وقيل سقته لبناً مسموماً فوقع يجود بنفسه ، وأسكت ، فجعل يشير إلى أم خالد برأسه ، يخبرهم أنها قتلته ، وهي تقول : بأبي أنت وأمي ، حتى عند النزع لم تشغل عني ، إنه يوصيكم بي ، حتى هلك ، فكانت أيامه تسعة أشهر وأياماً ، وقيل غير ذلك . المرية : بالأندلس ، مدينة محدثة أمر ببنائها أمير المؤمنين الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة ، وفيها يقول الشاعر : قالوا المرية صفها * فقلت مظ وشيح فقيل فيها معاش * فقلت إن هب ريح وكان المجوس لما قدموا المرية وتطوفوا بساحل الأندلس والعدوة ، فاتخذها العرب مرابطاً وابتنت بها محارس ، وكان الناس ينتجعونها ويرابطون فيها ، وهي اليوم أشهر مراسي الأندلس وأعمرها ، ومن أجل أمصارها وأشهرها ، وعليها سور حصين منيع بناه أمير المؤمنين