وفي سنة ثلاث ومائتين كانت بمرو ونواحيها من أرض خراسان زلازل كان أمرها غليظاً . ولما بعث ابن عامر الأحنف بن قيس إلى مرو الروذ حاصر أهلها وخرجوا إليه فقاتلوه فهزمهم المسلمون حتى اضطروهم إلى حصونهم ، فأشرفوا عليهم فقالوا : يا معشر العرب : ما كنتم عندنا كما نرى ، ولو علمنا أنكم كما نرى لكانت لنا ولكم حال غير هذه ، فأمهلوا ننظر في أمرنا في يومنا ، وارجعوا إلى عسكركم ، فرجع الأحنف ، فلما أصبح غاداهم وقد أعدوا له ، فخرج من المدينة رجل من العجم معه كتاب فقال : إني رسول فأمنوني ، فإذا هو ابن أخي مرزبان مرو ، ومعه كتاب إلى الأحنف ، وإذا فيه : إلى أمير الجيش ، إنا نحمد الله الذي بيده الدول يغير ما يشاء من الملك ، ويرفع من يشاء بعد الذلة ، ويضع من يشاء بعد الرفعة ، إنه دعاني إلى مصالحتك وموادعتك ما كان من إسلام جدي وما كان رأى من صاحبكم من الكرامة والمنزلة فمرحباً بكم وأبشروا ، وأنا أدعوكم إلى الصلح على أن أؤدي إليكم خراجنا ستين ألف درهم ، وأن تقروا بيدي ما كان ملك الملوك كسرى أقطع جد أبي حيث قتل الحية التي أكلت الناس وقطعت السبيل من الأرض والقرى بما فيها من الرجال ، ولا تأخذوا من أحد من أهل بيتي شيئاً من الخراج ولا تخرجوا المرزبة من أهل بيتي إلى غيرهم ، فإن جعلت ذلك لي خرجت إليك ، وقد بعثت إليك ابن أخي ماهك ليستوثق بما سألت . فكتب إليه الأحنف : بسم الله الرحمن الرحيم ، من صخر بن قيس أمير الجيش إلى باذان مرزبان مرو الروذ ومن معه من الأساورة والأعاجم ، سلام على من اتبع الهدى ، فإن ابن أخيك ماهك قدم علي فنصح لك جهده وأبلغ عنك ، وقد عرضت ذلك على من معي من المسلمين ، وأنا وهم فيما عليك سواء وقد أجبناك إلى ما سألت ، وعرضت علي أن تؤدي عن أكرتك وفلاحيك والأرضين ستين ألف درهم إلي وإلى الوالي بعدي من أمراء المسلمين ، إلا ما كان من الأرضين التي ذكرت أن كسرى الظالم لنفسه أقطعها جد أبيك ، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده ، وإن عليك نصرة المسلمين وقتال عدوهم بمن معك من الأساورة إن أحب المسلمون ذلك ، وأن لك على ذلك نصر المسلمين على من يقاتل من ورائك من أهل ملتك ، جار لك بذلك مني كتاب يكون لك بعدي ، ولا خراج عليك ولا على أحد من أهل بيتك من ذوي الأرحام ، وإن أنت أسلمت واتبعت الرسول ، كان لك ما للمسلمين من العطاء والمنزلة والأرض وكنت أحدهم ، ولك بذلك مني ذمتي وذمة أبي وذمة المسلمين وذمة آبائهم . ثم إن مرزبان الروذ تربص بحمل ما كان صالح عليه لاشتغال الأحنف والمسلمين بقتال أهل طخارستان وأهل الجوزجان والطالقان والفارياب ، وكانوا أتوه في ثلاثين ألفاً في ثلاثة زحوف ، فلما هزمهم الله تعالى ونصر المسلمين سرح الأحنف رجلين إلى المرزبان وأمرهما أن لا يكلماه حتى يقنعاه ، ففعلا ، فعلم أنهما لم يصنعا ذلك إلا وقد ظفروا ، فحمل ما كان عليه . مربلة : بالأندلس بقرب مرسى سهيل ومرسى مالقة ، ومربلة مدينة صغيرة مسورة من بناء الأول محكمة العمل ممتنعة المرام ، وهناك جبل منيف عال يزعم أهل تلك الناحية أن النجم المسمى سهيلاً يرى من أعلاه ، ولذلك سمي أبو القاسم الأستاذ الحافظ مؤلف : " الروض الأنف " السهيلي . المرغاب : نهر رزيق ، قرية على سبعة فراسخ من مرو . لما قتل يزدجرد آخر ملوك الفرس برزيق على يد طحان نزل عنده متنكراً ، قيل شدخ رأسه بحجر ، وقيل نذر بأنه مطلوب فهرب فنزل الماء وعليه ثيابه ، فضرب طالبوه الطحان وقالوا : دلنا عليه ، فقال : هاهنا تخلفته ، وخرجوا يجولون في طلبه ، فرآه رجل في الماء عليه ديباج ، فأخذه ، فقال : خلني وعم عني وأعطيك خاتمي ومنطقتي ، فقال : أعطني أربعة دراهم ، قال : الذي