responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 526


ومدين في الطريق من مدينة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصر ، وهي بين جبال شامخة متكائدة ، وبقرب مدين البئر التي استقى منها موسى عليه السلام ، قد بني على أسها بيت من صخر فيه قناديل معلقة ، وبها كهف شعيب كان يؤوي إليه غنمه ، وفي الجبال التي هناك بيوت منقورة في صخر صم قد حفر في البيوت قبور ، وفي تلك القبور عظام بالية كأمثال عظام الإبل ، يكون مقدار كل بيت عشرين ذراعاً أو نحوها ولتلك البيوت روائح خبيثة لا يدخل الداخل فيها حتى يضع يده على أنفه من شدة النتن ، يقال إنهم لما أخذهم عذاب يوم الظلة دخلوا فيه فهلكوا ، وبقرب هذه البيوت تلال تراب عظيمة قيل إنها كانت مواضعهم عامرة فخسف بها .
ومع يهود مدين كتاب يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه لهم ، وهم يظهرونه للناس حتى الآن ، وهو في قطعة أديم قد اسودت لطول الزمن عليها ، إلا أن خطها بين ، وفي آخره : وكتب علي بن أبي طالب ، غير معرب ، وقال قوم : إنه بخط معاوية بن أبي سفيان ، ولم يذكر علياً ، وهو عند أهل قرية من ساحل مدين يقال لها مسي ، ومن هناك لا تزال تسير والجبال تيامنك والبحر بيسارك حتى تفضي إلى أيلة .
المدائن : على سبعة فراسخ من بغداد على حافتي دجلة ، فبهرسير هي المدينة الدنيا ، وهي على أحد جانبيها مما يلي المشرق ، وقصر كسرى وهو الإيوان هي المدينة القصوى ، وهو القصر الأبيض الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وبها كان مقام الأكاسرة . وتلقاء مقعد الملك من سقف الإيوان حلقة من ذهب كان يعلق التاج منها بسلسلة من ذهب .
والمدائن هي كانت دار مملكة الأكاسرة ، والفرس اختاروها من مدن العراق ، وكان أول من نزلها أنوشروان ، وهي عدة مدن في جانبي دجلة الشرقي والغربي ، منها المدينة التي يقال لها العتيقة ، وفيها القصر الأبيض القديم الذي لا يدرى من بناه ، وفي الجانب الشرقي أيضاً مدينة يقال لها أسبانبر ، وفيها إيوان كسرى العظيم الذي ليس للفرس مثله ، ارتفاع سمكه ثمانون ذراعاً ، وبين المدينتين مقدار ميل ، وفي هذه المدينة قبر سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ، ثم مدينة يقال لها الرومية ، وبها كان أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين وبها قتل أبا مسلم داعية بني العباس ، وفي الجانب الغربي من دجلة مدينة يقال لها بهرسير ، ثم ساباط على فرسخ من بهرسير .
وهذه المدائن كلها هي المدائن وافتتحها سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .
وذكر أن الإسكندر ، وهو كان أحد ملوك الأرض ، وقيل إنه ذو القرنين المذكور في القرآن بلغ مشارق الأرض ومغاربها وله في كل إقليم أثر فبنى بالمغرب الإسكندرية ، وبخراسان العليا سمرقند ومدينة الصغد ، وبناحية الجبل جي وهي أصبهان ، وبنى مدناً أخر في نواحي الأرض وأطرافها ، وجال الدنيا كلها ووطئها فلم يختر منها منزلاً سوى المدائن ، فنزلها وبنى بها مدينة عظيمة ، وجعل عليها سوراً أثره باق ، وهو المدينة التي تسمى الرومية في جانب دجلة الشرقي ، وأقام الإسكندر بها راغباً عن بقاع الأرض كلها وعن بلاده ووطنه ، ولم تزل مستقره مذ نزلها حتى مات بها ، وحمل منها فدفن بالإسكندرية مكان أمه ، فإنها كانت إذ ذاك باقية هناك ، وكذلك ملوك الأكاسرة كلهم اختاروا المدائن وما جاورها منزلاً لصحة تربتها وطيب هوائها واجتماع مصب دجلة والفرات بها ، فلم تزل دار مملكة الأكاسرة ومحل كبار الأساورة ، ولهم بها آثار عظيمة وأبنية قديمة ، منها الإيوان والقصر الأبيض المذكور جميع ذلك في سينية أبي عبادة .
ولما فرغ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من القادسية أمره عمر رضي الله عنه بالمسير إلى المدائن وأن يخلف النساء والعيال بالعتيق ويجعل معهم كنفاً من الجند ففعل ، وعهد إليه أن يشاركهم في كل مغنم ما داموا يخلفون المسلمين في عيالاتهم ، فقدم سعد زهرة بن الحوية نحو اللسان ، وهو لسان البر الذي

526

نام کتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار نویسنده : محمد بن عبد المنعم الحميري    جلد : 1  صفحه : 526
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست