الفواكه والألبان والسمن ، والعسل بها كثير ، وهي من أحسن البلاد صفة وأكثرها فواكه وخصباً . ماست : نهر عظيم في بلاد السوس الأقصى بالمغرب يصب في البحر المحيط ، جريه من القبلة إلى الجوف كجري نيل مصر ، عليه قرى متصلة وعمارات كثيرة وبساتين وجنات وأنواع من الفواكه والثمار والأعناب وقصب السكر ، ولم يتخذ الساكنون على هذا الوادي قط رحى فإذا سئلوا عن ذلك قالوا : نتخذ هذا الماء المبارك في إدارة الأرحاء ! ! وهم يتطيرون بها . وعلى مصب هذا الوادي في البحر رباط مقصود له موسم عظيم ومجتمع جليل ، وهو مأوى للصالحين ، وبين هذا الوادي ونول لمطة ثلاث مراحل في عمائر متصلة تسكنها جزولة ولمطة . وإلى هذا الموضع ينسب الثائر الخارج على عبد المؤمن بن علي المعروف بمهدي ماست وكان عبد المؤمن صير إليه الجيوش مرة بعد مرة فهزمهم وكثر شغبه وعظمت جموعه ، فتوجه إليه بالعساكر الشيخ أبو حفص صاحب الإمام المهدي فواقعه ، وكانت بينهم حروب صعبة ، فانهزم هذا القائم وقتل أصحابه ؛ وهذا فصل من الكتاب بالإعلام بذلك ، وهو من إنشاء أبي جعفر بن عطية : كان أولئك الضالون المرتدون من أهل ماست قد بطروا عدواناً وظلماً ، وارتكبوا إفكاً وجرماً ، وكان مقدمهم الشقي قد استمال النفوس بخزعبلاته ، واستغوى القلوب بمهولاته ، ونصب به الشيطان ما شاء من حبالاته ، فأتته المخاطبات من بعد وكثب ، ونسل إليه الرسل من كل حدب ، واعتقدته الخواطر الزائغة أعجب عجب ، وكان للناس هناك موقف أخذت الحرب فيه حقوقها ، ونهجت به طريقها ، وعرفت به رجالها وفريقها ، وكنا نحن بخاصتنا في الساقة فحملنا على من يلينا من الأعداء ، وحملت كل قبيلة على من يليها على الولاء ، فكانت هناك كرات شهيرة ، وحملات كثيرة ، وظهر لأعداء الله تجلد لم ير قط لأمثالهم ، ولا تخيل من أفعالهم ، وذلك أنهم كانوا يعاينون غويهم لا تنقله الحملات ولا تحركه ، ولا تزيله المنية عنه ولا تتركه ، فكانوا ينظرون إليه ، ويظهرون الجلد والاجتهاد لديه ، فلما عاينه الموحدون واقفاً بمكانه ، مقبلاً على بهتانه ، قصدوا بعون الله لإطفاء ناره وكف عنانه ، فصرع لحينه ، وأتته نوافذ الخطيات عن يساره ويمينه ، وعاد لوقته طريحاً ، تقلب منه المنايا قلباً قريحاً ، فانهزم من كان له من الأحزاب ، وتساقطوا على وجوههم تساقط الذباب ، ولم تقطر كلومهم إلا على الأعقاب ، ودعت الضرورة باقيهم إلى الترامي في الوادي ، ودام الموحدون في الإصرار على قتلهم والتمادي ، فمن كان منهم يؤمل الفرار ويرتجيه ، وسبح طامعاً في الخروج إلى ما ينجيه ، اختطفته الأسنة هناك اختطافاً ، وأذاقته موتاً ذعافاً ، ومن لج في الترامي على لججه ، ورام البقاء بثبجه ، قضى لحينه شرقه ، ولوى بدينه غرقه ، وكان دخولهم فيه في أول مده إلى حين ابتداء الوادي في جزره ونقصانه ، وكفه عن حملاته وطغيانه ، فدخل الموحدون إلى البقية الكائنة فيه ينالونهم طعناً وضرباً ، ويلقونهم هولاً عظيماً وكرباً ، حتى انبسطت مراقات الدماء ، على صفحات الماء ، فحكت حمرتها على زرقه حمرة الشفق في زرق السماء ، فمن لم تدركه منيته بسنان ، أدركه الغرق بشر مكان . مادغوس : قبر مادغوس بقرب جبل أوراس ، وهو قبر مثل الجبل الضخم مبني بآجر دقيق قد بني وعقد بالرصاص ، وصورت فيه صور الحيوان من الأناسي وغيرهم ، وهو مدرج النواحي ، وفي أعلاه شجرة ثابتة وقد اجتمع على هدمه من سلف فلم يقدروا على ذلك ، وفي الشرق من هذا القبر بحيرة مادغوس وهي مجتمع لكل طائر .