العامة دردب وعليه صنم آخر ، وصنم تسميه العامة مكبح وعليه صنم آخر ، فيخيل إلى الناظر أن ذلك البنيان موضوع على أعناقهم ، وانفردت بهذه البنية من بين سائر المدن ، ومن مدنها مدينة جبل العيون . ولبلة مدينة حسنة متوسطة القدر لها سور منيع ، ونهرها يأتيها من ناحية الجبل ويجاز عليه في قنطرة إلى لبلة ، وبها أسواق وتجارات وبينها وبين البحر المحيط ستة أميال . وكور لبلة جامعة لفوائد الكور كثيرة الزيتون والشجر وضروب الثمر يكون فيها القرمز الفاضل ويجود بها العصفر وهي سهلية جبلية ، وكانت جباية كورة لبلة في أيام الأمير الحكم بن هشام خمسة عشر ألفاً وستمائة . لبيدة : قرية في جهة القيروان ، منها أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي القيرواني اللبيدي روى عن ابن أبي زيد وأبي حسن بن القابسي ، وله كتاب " الجامع والشرح في التفصيل والتخليص لمسائل المدونة " كتاب كبير ، توفي قريباً من سنة ثلاثين وأربعمائة . لبدة : مدينة قديمة بناحية طرابلس الغرب ، كانت عظيمة الشأن مبنية بالرخام ، وآثارها بادية حتى الآن تدل على أنها كانت دار مملكة عظمى وهي مشتملة على الخيرات وعلى بعد من البحر ، فتسلطت عليها العرب وعلى أرضها فغيرت ما كان بها من النعم ، وأجلت أهلها إلى غيرها ، ولم يبق فيها إلا قصران كبيران ، وسكانها قوم من هوارة البربر ولها على البحر الآن قصر كبير فيه صناعات وسوق عامرة ، وبلبدة نخل كثير وزيتون يستخرجون زيته في وقته . لبنان : جبل بالشام قريب من تدمر ، وهو سامي الارتفاع ممتد الطول يتصل من البحر إلى البحر ، معروف بالزهاد والمنقطعين إلى الله تعالى . وعن قتادة أن البيت بني من خمسة أجبل : من طور سينا وطور زيتا ولبنان والجودي وحراء . وذكر الهيثم بن عدي أنه وجد في جبل لبنان غار في زمن الوليد بن عبد الملك ، فدخل فإذا فيه رجل مسجى على سرير من ذهب ، عند رأسه لوح من ذهب مكتوب فيه بالرومية : أنا سيا بن نواس بن سيا خدمت عيصو بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرب الديان الأكبر ، وعشت بعده دهراً طويلاً ورأيت عجباً كثيراً ، ولم أر فيما رأيت أعجب من غافل عن الموت وهو يرى مصارع آبائه ، ويعلم أنه صائر إليهم لا محالة فلا يتوب ، والذي بعد الموت من حساب الديان الأعظم ورد حقوق المظلومين يومئذ أعظم وأفظع ، حقاً أقول : لقد حضرت غاري هذا أغدو وأروح إليه أبكي على نفسي ، وقد علمت أن الأجلاف الجفاة سينزلوني عن سريري هذا ويتمولونه ويخرجوني من غاري وهم يدينون بربوبية الديان الأعظم ، وذلك حين يتغير الزمان ويتأمر الصبيان ، فمن أدرك ذلك الزمان عاش قليلاً ومات ذليلاً . وفي لبنان البرباريس وهو هناك أطيب ما يكون ، وهناك التفاح الذي لا يعدل به وهو مثلوج أبداً . وفي سفحه حصون للملاحدة الإسماعيلية فرقة مرقت وادعت الإلهية في أحد الأنام ، قيض لها شيطان من الأنس يعرف بسنان خذلهم بأباطيل وخيالات موه عليهم باستعمالها فاتخذوه إلهاً يعبدونه ، وحصلوا من طاعته بحيث يأمر أحدهم بالتردي من شاهقة جبل فيتردى ، ويستعجل في مرضاته الردى ، نعوذ بالله من الضلال والفتنة . وجبل لبنان حد بين بلاد الإسلام والإفرنج لأن وراءه أنطاكية واللاذقية وطرابلس وسواها من بلادهم ، وفي سفح الجبل المذكور حصن يعرف بحصن الأكراد هو للإفرنج ويغيرون منه على حماة وحمص ، وهو بمرأى العين منهما .