إذا جار الأمير وحاجباه * وقاضي الأرض داهن في القضاء فويل ثم ويل ثم ويل * لقاضي الأرض من قاضي السماء وكان على قنسرين سور حصين فهدم في أيام قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما بأمر يزيد بن معاوية ، وفيها الآن آثار من سورها ، ولها حصن منيع وبها أسواق وفعلة وهي على نهر قويق ، وهو نهر حلب يصل في جريته إلى قنسرين ثم يغوص في الأجمة ، وقيل بين قنسرين وحلب عشرون ميلاً . قنوج : أفخر بلاد الهند اسماً وشأناً ، وأعظمها صيتاً وأقدمها بنياناً ، وكان واليها بأجيال أكبر شياطين الكفر جاهاً ومقداراً وأتمهم قوة ، وكان سلفه ملوك الهند من مستقرهم إلى منتهى الثغور ، وكان ولاة قشمير لهم بمنزلة الحجاب ، وكانوا قد أقروا لهم بالسمع والطاعة أذعنوا للانقياد والمتابعة ، وكان بين آخر ثغور هذا الجانب وبين قنوج ممالك الهند متصلة الحدود بالحدود ، تقطعها قوافل التجار في مدة سنة كاملة إذا واظبوا على السير ، وكان ولاة كفارها لهم أمر نافذ وذكر سائر وناحية عظيمة وقلاع حصينة وعدة كاملة وقوة وافرة ، وهم يعتقدون أن الأصنام آلهتهم ولا يتفكرون في خلق السماوات والأرض . وقصدها غازياً لها محمود بن سبكتكين سلطان خُراسان من مستقره بغزنة سنة عشر وأربعمائة ، في خلافة الإمام القادر بالله أمير المؤمنين ، وفي رسالته يخاطب القادر بالله بذلك : استخار العبد في النهوض إلى عرصة مقرّه وعقر داره ، ابتداء بتحصين الممالك المعقودة بإقباله ، فوثبَ بنواحي غزنة العبد محمداً مع خمسة عشر ألف راجل وعشرة آلاف فارس من أولي الإخلاص في الوفاء وخواصّ الأولياء الموثوق بغنائهم ، وأنهض العبد مسعوداً مع عشرة آلاف راجل وعشرة آلاف فارس من أولي الإخلاص في الوفاء والامحاض في الولاء إلى ملتان لتنظيفها من بقايا الباطنية ، وتقرير أمورها على الطريقة السوية ، وشحن بلخ وطخارستان بأرسلان مع اثني عشر ألف فارس وعشرة آلاف راجل من الأنجاد والشجعان ، وضبط ولاة خوارزم بالترشاش الحاجب مع عشرين ألف فارس وعشرين ألف راجل المختارين للجلاد والطعان ، بعدما هذب أحوال الأطراف والقلاع ، وسد ثغورها بالأمناء والأنجاد عند المصاع ، غير ساكن إلى حضورهم ولا واثق بقوة جمهورهم ، بل اعتمد كتاب الله تعالى واتكل عليه في رعاية ما استرعي من الممالك والأمم ، وانتخب ثلاثين ألف فارس وعشرة آلاف راجل لصحبة راية الإسلام ، كلهم طلاب الشهادة ، وتحت ظلل الحِمام ، وانضمت إليهم جماهير المطوعة من النواحي المفترقة ، وانتظمت أحوالهم بإطلاق ما يسر الله عزّ وجلّ من الصلة والنفقة . القندهار : مدينة بالهند كبيرة النظر كثيرة الخلق ، وهم قوم يمتازون بلحاهم من غيرهم ، فإنهم يتركون لحاهم تطول حتى تصل إلى ركبهم ودونها ، وهي عراض كثيرة الشعر ، ووجوههم مدورة ، والمثًل يُضْرَب بكبر لحاهم وطولها ، وزيهم زي الأتراك ، وعندهم حنطة وأرز وحبوب وأغنام وأبقار ، وهم يأكلون الأغنام الميتة ولا يأكلون البقر الميتة ، وهم يحاربون ملك كابل وكابل من مدن الهند المجاورة لبلاد طخارستان . قال بعضهم : مدحت ملك القندهار والطاق فأعطاني ستين ألف درهم طاطرية ، كل درهم مثقال :