وقال موسى بن شخيص يعني هذا الصنم : ورجراجة الأرداف موارة الخطا * تهادى وليست من حسانِ الأوانس إلى أن ترى الشخص الملفع موفياً * على الصنم الموفي على بحر قادس ولمّا نزلنا تحته قال صاحبي * أعاجيبُ روم أو أعاجيبُ فارس فقلنا له خفِّضْ سؤالك والتمس * نجاتك من هول البحار الطوامس وكانوا يتحدثون أن الموسطة من البحر الغربي ويسمونه ببلاية لم تسلك قط إلى وقت سقوط ذلك المفتاح ، فمن حينئذ سلك الناس في البحر إلى شلا وإلى السوس وغيرهما ، وكان هذا مستفيضاً عندهم . وذكر بعض المؤلفين لغرائب الحدثان أن صنم قادس موضوع على بلاد الأندلس ، فجعل رأسه لطليطلة ، وصدره لقرطبة ، وكذلك أعضاؤه قسمها عضواً عضواً على بلاد الأندلس ، فمتى أصاب عضواً من هذه الأعضاء آفة حلت بذلك القطر الذي من قسمته آفة . وفي بعض التصانيف : إذا هدم صنم قادس استولى النصارى على بلاد الأندلس ، فنظروا فإذا الوقت الذي هدمه أبو الحسن علي بن عيسى بن ميمون فيه دخل النصارى قرطبة وملكوها . قال المخبر : وكنا بإشبيلية تحت الذمة لأن رئيس النصارى المعروف بالسليطين لما استحوذ عليها أقر أبا زكريا يحيى بن علي رئيساً على ما كان بأيدي الملثمين منها ومن غيرها ، وكان حكم السليطين نافذاً فيها ، ولقد وقع سنة أربعين تنازع بين رجلين من المرابطين في إنزال جنان بقرية من قرى إشبيلية ، فادعاه أحدهما بإنزال ابن غانية له فيه ، وأتى بظهير وادعاه الآخر بظهير السليطين ، وحكم بينهما والي إشبيلية تحت نظر يحيى بن علي فأقره بيد الذي ادعاه بإنزال النصارى إياه واحتج بأن الأمر إنما هو للسليطين لا ليحيى بن علي ، وكان هذا الملثم قد كتب له به السليطين بطليطلة حين سفر إليه رسولاً عن يحيى بن علي . وكان هدم علي بن عيسى لهذا الصنم لأنه خيل إليه أنه على كنوز ضخمة وأن داخله محشوّ تبراً فدعا له الرجال والبناة وأخذوا في قطع حجر منه ، وكلما قطعوا حجراً دعموا مكانه بدعامة من خشب ، حتى وقف ذلك الجرم العظيم على الدعائم ، ثم رموا إلى الخشب النار ، بعدما ملأوا الخلل الذي بين الخشب حطباً ، فسقط جميعه ، وكانت له وجبة عظيمة ، واستخرج الرصاص المعقود بالحجارة والنحاس الذي كان منه الصنم وكان مذهّباً ، وبردت في يديه من مطلبه الخيبة ، وكان يقال إن الذي يهدم صنم قادس يموت مقتولاً وكذلك كان . ويزعم أهل جزيرة قادس أنهم لم يزالوا يسمعون أن الراكب في هذا البحر إذا لجج فيه وغاب عنه صنم قادس ، بدا له صنم ثان مثله ، فإذا وصلوا إليه وجاوزوه حتى يغيب عليهم بدا لهم صنم ثالث ، فإذا تجاوزوا سبعة أصنام صاروا في بلاد الهند ، وهذا مستفيض عندهم معروف جار على ألسنتهم ، لم يزل يأخذه آخرهم عن أولهم . قالوا : ولما أحكم أركلش هذه الآثار صمد إلى بلاد البربر فعبر إلى مدينة سبتة من الزقاق الخارج من البحر المحيط . ولم يزل يفتتح مدينة بعد مدينة حتى انتهى إلى لوبيا ومراقيا ، فوجد هناك آلاماً وأوجاعاً في بدنه ، فلما اشتد ذلك به أجج ناراً وألقى نفسه فيها فاحترق ، وكان غرضه أن يحرق الأوجاع التي في بدنه ، فدل هذا من فعله على أنه كان من عبدة النيران ، وتفرقت جموعه ، واتخذته المجوس وثناً يعبدونه . القاطول : بين الجزيرة والموصل ، فاعول من القطل ، وهو القطع .